١٥ - ﴿ وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم ﴾ أي ما لا علم لك بشركته ﴿ فلا تطعهما ﴾ في ذلك وقد قدمنا تفسير الآية وسبب نزولها في سورة العنكبوت وانتصاب ﴿ معروفا ﴾ على أنه صفة لمصدر محذوف : أي وصاحبهما صحابا معروفا وقيل هو منصوب بنزع الخافض والتقدير بمعروف ﴿ واتبع سبيل من أناب إلي ﴾ أي اتبع سبيل من رجع إلي من عبادي الصالحين بالتوبة والإخلاص ﴿ ثم إلي مرجعكم ﴾ جميعا لا إلى غيري ﴿ فأنبئكم ﴾ أي أخبركم عند رجوعكم ﴿ بما كنتم تعملون ﴾ من خير وشر فأجازي كل عامل بعمله وقد قيل إن هذا السياق من قوله ووصينا الإنسان إلى هنا من كلام لقمان فلا يكون اعتراضا وفيه بعد
ثم شرع سبحانه في حكاية بقية كلام لقمان في وعظه لابنه فقال : ١٦ - ﴿ يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل ﴾ الضمير في إنها عائد إلى الخطيئة لما روي أن ابن لقمان قال لأبيه : يا أبت إن عملت الخطيئة حيث لا يراني أحد هل يعلمها الله ؟ فقال إنها : أي الخطيئة والجملة الشرطية مفسرة للضمير : أي إن الخطيئة إن تك مثقال حبة من خردل قال الزجاج : التقدير إن التي سألتني عنها إن تك مثقال حبة من خردل وعبر بالخردلة أنها أصغر الحبوب ولا يدرك بالحس ثقلها ولا ترجح ميزانا وقيل إن الضمير في إنها راجع إلى الخصلة من الإساءة والإحسان : أي إن الخصلة من الإساءة والإحسان إن تك مثقال حبة إلخ ثم زاد في بيان خفاء الحبة مع خفتها فقال :﴿ فتكن في صخرة ﴾ فإن كونها في الصخرة قد صارت في أخفى مكان وأحرزه ﴿ أو في السموات أو في الأرض ﴾ أي أو حيث كانت من بقاع السموات أو من بقال الأرض ﴿ يأت بها الله ﴾ أي يحضرها ويحاسب فاعلها عليها ﴿ إن الله لطيف ﴾ لا تخفى عليه خافية بل يصل علمه إلى كل خفي ﴿ خبير ﴾ بكل شيء لا يغيب عنه شيء لا يغيب عنه شيء قرأ الجمهور ﴿ إن تك ﴾ بالفوقية على معنى إن تك الخطيئة أو المسألة أو الخصلة أو القصة وقرأوا ﴿ مثقال ﴾ بالنصب على أنه خبر كان واسمعها هو أحد تلك المقدرات وقرأ نافع برفع ﴿ مثقال ﴾ على أنه اسم كان وهي تامة وأنث الفعل في هذه القراءة لإضافة مثقال إلى المؤنث وقرأ الجمهور ﴿ فتكن ﴾ بضم الكاف وقرأ الجحدري بكسرها وتشديد النون من الكن الذي هو الشيء المغطى قال السدي : هذه الصخرة هي صخرة ليست في السموات ولا في الأرض ثم حكى سبحانه عن لقمان أنه أمر ابنه بإقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على المصيبة ووجه تخصيص هذه الطاعات أنها أمهات العبادات وعماد الخير كله