قوله : ١٢ - ﴿ ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ﴾ المراد بالمجرمين هم القائلون إئذا ضللنا والخطاب هنا لكل من يصلح له أو لرسول الله صلى الله عليه و سلم ويجوز أن يراد بالمجرمين كل مجرم ويدخل فيه أولئك القائلون دخولا أوليا ومعنى ﴿ ناكسوا رؤوسهم ﴾ مطأطئوها حياء وندما على ما فرط منهم في الدنيا من الشرك بالله والعصيان له ومعنى عند ربهم : عند محاسبته لهم قال الزجاج : والمخاطبة للنبي صلى الله عليه و سلم مخاطبة لأمته فالمعنى : ولو ترى يا محمد منكري البعث يوم القيامة لرأيت العجب ﴿ ربنا أبصرنا وسمعنا ﴾ أي يقولون : ربنا أبصرنا الآن ما كنا نكذب به وسمعنا ما كنا ننكره وقيل أبصرنا صدق وعيدكم وسمعنا تصديق رسلك فهؤلاء أبصروا حين لم ينفعهم البصر وسمعوا حين لم ينفعهم السمع ﴿ فارجعنا ﴾ إلى الدنيا ﴿ نعمل ﴾ عملا ﴿ صالحا ﴾ كما أمرتنا ﴿ إنا موقنون ﴾ أي مصدقون وقيل مصدقون بالذي جاء به محمد صلى الله عليه و سلم وصفوا أنفسهم بالإيقان الآن طمعا فيما طلبوه من إرجاعهم إلى الدنيا وأنى لهم ذلك فقد حقت عليهم كلمة الله فإنهم ﴿ لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون ﴾ وقيل معنى ﴿ إنا موقنون ﴾ إنها قد زالت عنهم الشكوك التي كانت تخالطهم في الدنيا لما رأوا وسمعوا ما سمعوا ويجوز أن يكون معنى ﴿ أبصرنا وسمعنا ﴾ صرنا ممن يسمع ويبصر فلا يحتاج إلى تقدير مفعول ويجوزظ أن يكون صالحا مفعولا لنعمل كما يجوز أن يكون نعتا لمصدر محذوف وجواب لو محذوف : أي لرأيت أمرا فظيعا وهولا هائلا
١٣ - ﴿ ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ﴾ هذا رد عليهم لما طلبوا الرجعة : أي لو شئنا لآتينا كل نفس هداها فهدينا الناس جميعا فلم يكفر منهم أحد قال النحاس : في معنى هذا قولان : أحدهما أنه في الدنيا والآخر أنه في الآخرة : أي ولو شئنا لرددناهم إلى الدنيا ﴿ ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ﴾ وجملة لو شئنا مقدرة بقول معطوف على المقدر قبل قوله أبصرنا أي ونقول لو شئنا ومعنى ﴿ ولكن حق القول مني ﴾ أي نفذ قضائي وقدري وسبقت كلمتي ﴿ لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ﴾ هذا هو القول الذي وجب من الله وحق على عباده ونفذ فيه قضاؤه فكان مقتضى هذا القول أنه لا يعطي كل نفس هداها وإنما قضى عليهم بهذا لأنه سبحانه قد علم أنهم من أهل الشقاوة وأنهم ممن يختار الضلالة على الهدى


الصفحة التالية
Icon