والفاء في قوله : ١٤ - ﴿ فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا ﴾ لترتيب الأمر بالذوق على ما قبله والباء في بما نسيتم للسببية وفيه إشعار بأن تعذيبهم ليس لمجرد سبق القول المتقدم بل بذاك وهذا
واختلف في النسيان المذكور هنا فقيل هو النسيان الحقيقي وهو الذي يزول عنده الذكر وقيل هو الترك والمعنى على الأول : أنهم لميعملوا لذلك اليوم فكانوا كالناسين له الذين لا يذكرونه وعلى الثاني لا بد من تقدير مضاف قبل لقاء : أي ذوقوا بسبب ترككم لما أمرتكم به عذاب لقاء يومكم هذا ورجح الثاني المبرد وأنشد :
( كأنه خارج من جنب صفحته | سفود شرب نسوه عند مفتأد ) |
( فذوقوا كما ذقنا غداة محجة | من الغيظ في أكبادنا والتحوب ) |
وجملة ١٥ - ﴿ إنما يؤمن بآياتنا ﴾ مستأنفة لبيان ما يستحق الهداية إلى الإيمان ومن لا يستحقها والمعنى : إنما يصدق بآياتنا وينتفع بها ﴿ الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا ﴾ لا غيرهم ممن يذكر بها : أي يوعظ بها ولا يتذكر ولا يؤمن بها ومعنى خروا سجدا سقطوا على وجوههم ساجدين تعظيما لآيات الله وخوفا من سطوته وعذابه ﴿ وسبحوا بحمد ربهم ﴾ أي نزهوه عن كل ما لا يليق به ملتبسين بحمده على نعمه التي أجلها وأكملها الهداية إلى الإيمان والمعنى : قالوا في سجودهم : سبحان الله وبحمده أو سبحان ربي الأعلى وبحمده وقال سفيان : المعنى صلوا حمدا لربهم وجملة ﴿ وهم لا يستكبرون ﴾ في محل نصب على الحال : أي حال كونهم خاضعين لله متذللين له غير مستكبرين عليه