٢٠ - ﴿ يحسبون الأحزاب لم يذهبوا ﴾ أي يحسب هؤلاء المنافقون لجبنهم أن الأحزاب باقون في معسكرهم لم يذهبوا إلى ديارهم وذلك لما نزل بهم من الفشر والروع ﴿ وإن يأت الأحزاب ﴾ مرة أخرى بعد هذه المرة ﴿ يودوا لو أنهم بادون في الأعراب ﴾ أي يتمنون أنهم في بادية الأعراب لما حل بهم من الرهبة والبادي خلاف الحاضر يقال : بدا يبدو بداوة إذا خرج إلى البادية ﴿ يسألون عن أنبائكم ﴾ أي عن أخباركم وما جرى لكم كل قادم عليهم من جهتكم أو يسأل بعضهم بعضا عن الأخبار التي بلغته من أخبار الأحزاب ورسول الله صلى الله عليه و سلم والمعنى : أنهم يتمنون أنهم بعيد عنكم يسألون عن أخباركم من غير مشاهدة للقتال لفرط جبنهم وضعف نياتهم ﴿ ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا ﴾ أي لو كانوا معكم في هذه الغزوة مشاهدين للقتال لفرط جبنهم وضعف نياتهم ﴿ ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا ﴾ أي لو كانوا معكم في هذه الغزوة مشاهدين للقتال ما قاتلوا معكم إلا قتالا قليلا خوفا من العار وحمية على الديار
٢١ - ﴿ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ﴾ أي قدوة صالحة يقال لي في فلان أسوة : أي لي به والأسوة من الائتساء كالقدوة من الاقتداء : اسم يوضع موضع المصدر قال الجوهري : والأسوة والإسوة بالضم والكسر والجمع أسى وإسى قرأ الجمهور أسوة بالضم للهمزة وقرأ عاصم بكسرها وهما لغتان كما قال الفراء وغيره
وفي هذه الآية عتاب للمتخلفين عن القتال مع رسول الله صلى الله عليه و سلم : أي لقد كان لكم في رسول الله حيث بذل نفسه للقتال وخرج إلى الخندق لنصرة دين الله أسوة وهذه الآية وإن كان سببها خاصة فهي عامة في كل شيء ومثلها ﴿ ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ﴾ وقوله :﴿ قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ﴾ واللام في ﴿ لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ﴾ متعلق بحسنة أو بمحذوف هو صفة لحسنة : أي كائنة لمن يرجوالله وقيل إن الجملة بدل من الكاف في لكم ورده أبو حيان وقال : إنه لا يبدل من ضمير المخاطب بإعادة الجار ويجاب عنه بأنه قد أجاز ذلك الكوفيون والأخفش وإنه منعه البصريون والمراد بمن كان يرجو الله : المؤمنون فإنهم الذين يرجون الله ويخافون عذابه ومعنى يرجون الله : يرجون ثوابه أو لقاءه ومعنى يرجون اليوم الآخر : أنهم يرجون رحمة الله فيه أو يصدقون بحصوله وأنه كائن لا محالة وهذه الجملة تخصيص بعد التعميم بالجملة الأولى ﴿ وذكر الله كثيرا ﴾ معطوف على كان : أي ولمن ذرك الله في جميع أحواله ذكرا كثيرا وجمع بين الرجاء لله والذكر له فإن بذلك تتحقق الأسوة الحسنة برسول الله صلى الله عليه و سلم


الصفحة التالية
Icon