لما فرغ سبحانه من الزجر لمن يؤذي رسوله والمؤمنين والمؤمنات من عباده أمر رسوله صلى الله عليه و سلم بأن يأمر بعض من ناله الأذى ببعض ما يدفع ما يقع عليه منه فقال : ٥٩ - ﴿ يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ﴾ من للتبعيض والجلابيب جمع جلباب وهو ثوب أكبر من الخمار قال الجوهري الجلباب الملحفة وقيل القناع وقيل هو ثوب يستر جميع بدن المرأة كما ثبت في الصحيح من حديث أم عطية [ أنها قالت : يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب فقال : لتلبسها أختها من جلبابها ] قال الواحدي : قال المفسرون يغطين وجوههن ورؤوسهن إلا عينا واحدة فيعلم أهن حرائر فلا يعرض لهن بأذى وقال الحسن : تغطي نصف وجهها وقال قتادة : تلويه فوق الجبين وتشده ثم تعطفه على الأنف وإن ظهرت عيناها لكنه يستر الصدر ومعظم الوجه والإشارة بقوله :﴿ ذلك ﴾ إلى إدناء الجلابيب وهو مبتدأ وخبره ﴿ أدنى أن يعرفن ﴾ أي أقرب أن يعرفن فيتميزن عن الإماء ويظهر للناس أنهن حرائر ﴿ فلا يؤذين ﴾ من جهة أهل الريبة بالتعرض لهن مراقبة لهن ولأهلهن وليس المراد بقوله :﴿ ذلك أدنى أن يعرفن ﴾ أن تعرف الواحدة منهن من هي بل المراد أن يعرفن أنهن حرائر لا إماء لأنهن قد لبسن لبسة تختص بالحرائر ﴿ وكان الله غفورا ﴾ لما سلف منهن من ترك إدناء الجلابيب ﴿ رحيما ﴾ بهن أو غفورا لذنوب المذنبين رحيما بهم فيدخلن في ذلك دخولا أوليا