ثم ذكر سبحانه بعض ما يحيط به علمه من أمور السموات والأرض فقال : ٢ - ﴿ يعلم ما يلج في الأرض ﴾ أي ما يدخل فيها من مطر أو كنز أو دفين ﴿ وما يخرج منها ﴾ من زرع ونبات وحيوان ﴿ وما ينزل من السماء ﴾ من الأمطار والثلوج والبرد والصواعق والبركات ومن ذلك ما ينزل منها من ملائكته وكتبه إلى أنبيائه ﴿ وما يعرج فيها ﴾ من الملائكة وأعمال العباد قرأ الجمهور ﴿ ينزل ﴾ بفتح الياء وتخفيف التزاي مسندا إلى ما وقرأ علي بن أبي طالب والسلمي بضم الياء وتشديد الزاي مسندا إلى الالله سبحانه ﴿ وهو الرحيم ﴾ بعباده ﴿ الغفور ﴾ لذنوبهم
٣ - ﴿ وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة ﴾ المراد بهؤلاء القائلين جنس الكفرة على الإطلاق أو كفار مكة على الخصوص ومعنى لا تأتينا الساعة : أنها لا تأتي بحال من الأحوال إنكارا منهم لوجودها لا لمجرد إتيانها في حال تكلمهم أو في حال حياتهم مع تحقق وجودها فيما بعد فرد الله عليهم وأمر رسوله أن يقول لهم ﴿ قل بلى وربي لتأتينكم ﴾ وهذا القسم لتأكيد الإتيان قرأ الجمهور لتأتينكم بالفوقية : أي الساعة وقرأ طلق المعلم بالتحتية على تأويل الساعة باليوم أو الوقت قال طلق : سمعت أشياخنا يقرأون بالياء : يعني التحتية على المعنى كأنه قال ليأتينكم البعث أو أمره كما قال :﴿ هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك ﴾ قرأ نافع وابن عامر ﴿ علام الغيوب ﴾ بالرفع على أنه مبتدأ وخبره لا يعزب أو على تقدير مبتدأ وقرأ عاصم وابن كثير وأبو عمرو بالجر على أنه نعت لربي وقرأ حمزة والكسائي ﴿ علام ﴾ بالجر مع صيغة المبالغة ومعنى ﴿ لا يعزب ﴾ لا يغيب عنه ولا يستتر عليه ولا يبعد ﴿ عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ﴾ المثقال ﴿ ولا أكبر ﴾ منه ﴿ إلا في كتاب مبين ﴾ وهو اللوح المحفوظ والمعنى : إلا وهو مثبت في اللوح المحفوظ الذي اشتمل على معلومات الله سبحانه فهو مؤكد لنفي العزوب قرأ الجمهور ﴿ يعزب ﴾ بضم الزاي وقرأ يحيى بن وثاب بكسرها قال الفراء : والكسر أحب إلي وهما لغتان يقال عزب يعزب بالضم ويعزب بالكسر إذا بعد وغاب وقرأ الجمهور ولا أصغر ولا أكبر بالرفع على الابتداء والخبر إلا في كتاب أو على العطف على مثقال وقرأ قتادة والأعمش بنصبهما عطفا على ذرة أو على أن لا هي لا التبرئة التي يبنى اسمها على الفتح