ثم عزى الله سبحانه نبيه صلى الله عليه و سلم فقال : ٤ - ﴿ وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك ﴾ ليتأسى بمن قبله من الأنبياء ويتسلى عن تكذيب كفار العرب له ﴿ وإلى الله ترجع الأمور ﴾ لا إلى غيره فيجازي كلا بما يستحقه قرأ الحسن والأعرج ويعقوب وابن عامر وأبو حيوة وابن محيصن وحميد والأعمش ويحيى بن وثاب وحمزة والكسائي وخلف ﴿ ترجع ﴾ بفتح الفوقية على البناء للفاعل وقرأ الباقون بضمها على البناء للمفعول
٣ - ﴿ يا أيها الناس إن وعد الله حق ﴾ أي وعده بالبعث والنشور والحساب والعقاب والجنة والنار كما أشير إليه بقوله :﴿ وإلى الله ترجع الأمور ﴾ فلا تغرنكم الحياة الدنيابزخرفها ونعيمها * قال سعيد بن جبير غرور الحياة الدنيا أن يشتغل الإنسان بنعيمها ولذاتها عن عمل الآخرة حتى يقوليا ليتني قدمت لحياتي ﴿ ولا يغرنكم بالله الغرور ﴾ قرأ الجمهور بفتح الغين : أي المبالغ في الغرور وهو الشيطان قال ابن السكيت وأبو حاتم : الغرور الشيطان ويجوز أن يكون مصدرا واستبعده الزجاج لأن غرر به متعدى ومصدر المتعدي إنما هو على فعل نحو ضربه ضربا إلا في أشياء يسيرة معروفة لا يقاس عليها ومعنى الآية : لا يغرنكم الشيطان بالله فيقول لكم : إن الله يتجاوز عنكم ويغفر لكم لفضلكم أو لسعة رحمته لكم وقرأ أبو حيوة وأبو السماك ومحمد بن السميفع بضم الغين وهو الباطل قال ابن السكيت : والغرور بالضم ما يغر من متاع الدنيا وقال الزجاج : يجوز أن يكون الغرور جمع غار مثل قاعد وقعود قيل ويجوز أن يكون مصدر غره كاللزوم والنهوك وفيه ما تقدم عن الزجاج من الاستبعاد
ثم حذر سبحانه عباده من الشيطان فقال : ٤ - ﴿ إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا ﴾ أي فعادوه بطاعة الله ولا تطيعوه في معاصي الله ثم بين لعباده كيفية عداوة الشيطان لهم فقال :﴿ إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ﴾ أي إنما يدعو أشياعه وأتباعه والمطيعين له إلى معاصي الله سبحانه لأجل أن يكونوا من أهل النار


الصفحة التالية
Icon