والمراد بـ ٣ - ﴿ التاليات ذكرا ﴾ الملائكة التي تتلو القرآن كما قال ابن مسعود وابن عباس والحسن ومجاهد وابن جبير والسدي وقيل المراد جبريل وحده فذكر بلفظ الجمع تعظيما له مع أنه لا يخلو من أتباع له من الملائكة وقال قتادة : المراد كل من تلا ذكر الله وكتبه وقيل المراد آيات القرآن ووصفها بالتلاوة وإن كانت متلوة كما في قوله :﴿ إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل ﴾ وقيل لأن بعضهم يتلو بعضا ويتبعه وذكر الماوردي أن التاليات هم الأنبياء يتلون الذكر على أممهم وانتصاب ذكرا على أنه مفعول به ويجوز أن يكون مصدرا كما قبله من قوله صفا وزجرا قيل وهذه الفاء في قوله فالزاجرات فالتاليات إما لترتيب الصفات أنفسها في الوجد أو لترتيب موصوفاتها في الفضل وفي الكل نظر
وقوله : ٤ - ﴿ إن إلهكم لواحد ﴾ جواب القسم : أي أقسم الله بهذه الأقسام إنه واحد ليس له شريك وأجاز الكسائي فتح إن الواقعة في جواب القسم
٥ - ﴿ رب السموات والأرض ﴾ يجوز أن يكون خبرا ثانيا وأن يكون بدلا من لواحد وأن يكون خبر مبتدأ محذوف قال ابن الأنباري : الوقف على لواحد وقف حسن ثم يبتدئ رب السموات والأرض على معنى هو رب السموات والأرض قال النحاس : ويجوز أن يكون بدلا من لواحد والمعنى في الآية : أن وجود هذه المخلوقات على هذا الشكل البديع من أوضح الدلائل على وجود الصانع وقدرته وأنه رب ذلك كله : أي خالقه ومالكه والمراد بما بينهما : ما بين السموات والأرض من المخلوقات والمراد ب ﴿ المشارق ﴾ مشارق الشمس قيل إن الله سبحانه خلق للشمس كل يوم مشرقا ومغربا بعدد أيام السنة تطلع كل يوم من واحد منها وتغرب من واحد كذا قال ابن الأنباري وابن عبد البر وأما في قوله في سورة الرحمن ﴿ رب المشرقين ورب المغربين ﴾ فالمراد بالمشرقين : أقصى مطلع تطلع منه الشمس في الأيام الطوال وأقصر يوم في الأيام القصار وكذلك في المغربين وأما ذكر المشرق والمغرب بالإفراد فالمراد به الجهة التي تشرق منها الشمس والجهة التي تغرب منها ولعله قد تقدم لنا في هذا كلام أوسع من هذا
٦ - ﴿ إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب ﴾ المراد بالسماء الدنيا التي تلي الأرض من الدنو وهو القرب فهي أقرب السموات إلى الأرض قرأ الجمهور ﴿ بزينة الكواكب ﴾ بإضافة زينة إلى الكواكب والمعنى : زيناها بتزيين الكواكب : أي بحسنها وقرأ مسروق والأعمش والنخعي وحمزة بتنوين زينة وخفض الكواكب على أنها بدل من الزينة على أن المراد بالزينة الاسم لا المصدر والتقدير بعد طرح المبدل منه : إنا زينا السماء بالكواكب فإن الكواكب في أنفسها زينة عظيمة فإنها في أعين الناظرين لها كالجواهر المتلألئة وقرأ عاصم في رواية أبي بكر عنه بتنوين زينة ونصب الكواكب على أن الزينة مصدر وفاعله محذوف والتقدير : بأن الله زين الكواكب بكونها مضيئة حسنة في أنفسها أو تكون الكواكب منصوبة بإضمار أعني أو بدلا من السماء بدل اشتمال وانتصاب حفظا على المصدرية بإضمار فعل : أي حفظناها حفظا أو على أنها مفعول لأجله : أي زيناها بالكواكب للحفظ أو بالعكف على محل زينة كأنه قال : إنا خلقنا الكواكب زينة للسماء