٢٤ - ﴿ وقفوهم إنهم مسؤولون ﴾ أي احبسوهم يقال وقفت الدابة أقفها وقفا فوقفت هي وقوفا يتعدى ولا يتعدى وهذا الحبس لهم يكون قبل السوق إلى جهنم : أي وقفوهم للحساب ثم سوقوهم إلى النار بعد ذلك وجملة ﴿ إنهم مسؤولون ﴾ تعليل للجملة الأولى قال الكلبي : أي مسؤولون عن أعمالهم وأقوالهم وأفعالهم وقال الضحاك : عن خطاياهم وقيل عن لا إله إلا الله وقيل عن ظلم العباد وقيل عن ظلم العباد
وقيل هذا السؤال هو المذكور بعد هذا بقوله : ٢٥ - ﴿ ما لكم لا تناصرون ﴾ أي أي شيء لكم لا ينصر بعضكم بعضا كما كنتم في الدنيا وهذا توبيخ لهم وتقريع وتهكم بهم وأصله تتناصرون فطرحت إحدى التاءين تخفيفا قرأ الجمهور ﴿ إنهم مسؤولون ﴾ بكسر الهمزة وقرأ عيسى بن عمر بفتحها قال الكسائي : أي لأنهم أو بأنهم وقيل الإشارة بقوله :﴿ ما لكم لا تناصرون ﴾ إلى قول أبي جهل يوم بدر ﴿ نحن جميع منتصر ﴾
ثم أضرب سبحانه عما تقدم إلى بيان الحالة التي هم عليها هنالك فقال : ٢٦ - ﴿ بل هم اليوم مستسلمون ﴾ أي منقادون لعجزهم عن الحيلة قال قتادة : مستسلمون في عذاب الله وقال الأخفش : ملقون بأيديهم يقال استسلم للشيء : إذا انقاد له وخضع
٢٧ - ﴿ وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ﴾ أي أقبل بعض الكفار على بعض يتساءلون قيل هم الأتباع والرؤساء يسأل بعضهم بعضا سؤال توبيخ وتقريع ومخاصمة وقال مجاهد : هو قول الكفار للشياطين وقال قتادة : هو قول الإنس للجن
والأول أولى لقوله : ٢٨ - ﴿ قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين ﴾ أي كنتم تأتوننا في الدنيا عن اليمين : أي من جهة الحق والدين والطاعة وتصدونا عنها قال الزجاج : كنتم تأتوننا من قبل الدين فتروننا أن الدين والحق ما تضلوننا به واليمين عبارة عن الحق وهذا كقوله تعالى إخبارا عن إبليس ﴿ ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم ﴾ قال الواحدي : قال أهل المعاني : إن الرؤساء كانوا قد حلفوا لهؤلاء الأتباع أن ما يدعونهم إليه هو الحق فوثقوا بأيمانهم فمعنى ﴿ تأتوننا عن اليمين ﴾ أي من ناحية الأيمان التي كنتم تحلفونها فوثقنا بها قال : والمفسرون على القول الاول وقيل المعنى : تأتوننا عن اليمين التي نحبها ونتفاءل بها لتغرونا بذلك عن جهة النصح والعرب تتفاءل بما جاء عن اليمين وتسميه السانح وقيل اليمين بمعنى القوة : أي تمنعوننا بقوة وغلبة وقهر كما في قوله :﴿ فراغ عليهم ضربا باليمين ﴾ أي بالقوة وهذه الجملة مستأنفة جواب سؤال مقدر


الصفحة التالية
Icon