وكذلك كجملة ٢٩ - ﴿ قالوا بل لم تكونوا مؤمنين ﴾ فإنها مستأنفة جواب سؤال مقدر والمعنى : أنه قال الرؤساء أو الشياطين لهؤلاء القائلين : كنتم تأتوننا عن اليمين بل لم تكونوا مؤمنين ولم نمنعكم من الإيمان والمعنى : أنكم لم تكونوا مؤمنين قط حتى ننقلكم عن الإيمان إلى الكفر بل كنتم من الأصل على الكفر فأقمتم عليه
٣٠ - ﴿ وما كان لنا عليكم من سلطان ﴾ من تسلط بقهر وغلبة حتى ندخلكم في الإيمان ونخرجكم من الكفر ﴿ بل كنتم قوما طاغين ﴾ أي متجاوزين الحد في الكفر والضلال
وقوله : ٣١ - ﴿ فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون ﴾ من قول المتبوعين : أي وجب علينا وعليكم ولزمنا قول ربنا يعنون قوله تعالى :﴿ لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين ﴾ إنا لذائقو العذاب : أي إنا جميعا لذائقو العذاب الذي ورد به الوعيد قال الزجاج : أي إن المضل والضال في النار
٣٢ - ﴿ فأغويناكم ﴾ أي أضللناكم عن الهدى ودعوناكم إلى ما كنا فيه من الغي وزينا لكم ما كنتم عليه من الكفر ﴿ إنا كنا غاوين ﴾ فلا عتب علينا في تعرضنا لإغوائكم لأنا أردنا أن تكونوا أمثالنا في الغواية ومعنى الآية : أقدمنا على إغوائكم لأنا كنا موصوفين في أنفسنا بالغواية فاقروا ها هنا بأنهم تسببوا لإغوائهم لكن لا بطريق القهر والغلبة ونفوا عن أنفسهم فيما سبق أنهم قهروهم وغلبوهم فقالوا :﴿ وما كان لنا عليكم من سلطان ﴾
ثم أخبر الله سبحانه عن الأتباع والمتبوعين بقوله : ٣٣ - ﴿ فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون ﴾ كما كانوا مشتركين في الغواية
٣٤ - ﴿ إنا كذلك نفعل بالمجرمين ﴾ أي إنا نفعل مثل ذلك الفعل بالمجرمين : أي أهل الإجرام وهم المشركون
كما يفيده قوله : ٣٥ - ﴿ إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ﴾ أي إذا قيل لهم قولوا لا إله إلا الله يستكبرون عن القبول ومحل يستكبرون النصب على أنه خبر كان أو الرفع على أنه خبر إن وكان ملغاة
٣٦ - ﴿ ويقولون أإنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون ﴾ يعنون النبي صلى الله عليه و سلم : أي لقول شاعر مجنون
فرد الله سبحانه عليهم بقوله : ٣٧ - ﴿ بل جاء بالحق ﴾ يعني القرآن المشتمل على التوحيد والوعد والوعيد ﴿ وصدق المرسلين ﴾ أي صدقهم فيما جاءوا به من التوحيد والوعيد وإثبات الدار الآخرة ولم يخالفهم ولا جاء بشيء لم تأت به الرسل قبله
٣٨ - ﴿ إنكم لذائقوا العذاب الأليم ﴾ أي إنكم بسبب شرككم وتكذيبكم لذائقو العذاب الشديد الألم قرأ الجمهور ﴿ لذائقوا ﴾ بحذف النون وخفض العذاب وقرأ أبان بن ثعلب عن عاصم وأبو السماك بحذفها ونصب العذاب وأنشد سيبويه في مثل هذه القراءة بالحذف للنون والنصب للعذاب قول الشاعر :

( فألفيته غير مستعتب ولا ذاكر الله إلا قليلا )
وأجاز سيبويه أيضا ﴿ والمقيمي الصلاة ﴾ بنصب الصلاة على هذا التوجيه وقد قرئ بإثبات النون ونصب العذاب على الأصل


الصفحة التالية
Icon