ثم بين سبحانه أن ما ذاقوه من العذاب ليس إلا بسبب أعمالهم فقال : ٣٩ - ﴿ وما تجزون إلا ما كنتم تعملون ﴾ أي إلا جزاء ما كنتم تعملون من الكفر والمعاصي أو إلا بما كنتم تعملون
ثم استثنى المؤمنين فقال : ٤٠ - ﴿ إلا عباد الله المخلصين ﴾ قرأ أهل المدينة والكوفة ﴿ المخلصين ﴾ بفتح اللام : أي الذين أخلصهم الله لطاعته وتوحيده وقرأ الباقون بكسرها : أي الذين أخلصوا لله العبادة والتوحيد والاستثناء إما متصل على تقدير تعميم الخطاب في تجزون لجميع المكلفين أو منقطع : أي لكن عباد الله المخلصين لا يذوقون العذاب
والإشارة بقوله : ٤١ - ﴿ أولئك ﴾ إلى المخلصين وهو مبتدأ وخبره قوله :﴿ لهم رزق معلوم ﴾ أي لهؤلاء المخلصين رزق يرزقهم الله إياه معلوم في حسنه وطيبه وعدم انقطاعه قال قتادة : يعني الجنة وقيل معلوم الوقت وهو أن يعطوا منه بكرة وعشية كما في قوله :﴿ ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا ﴾ وقيل هو المذكور في قوله بعده
٤٢ - ﴿ فواكه ﴾ فإنه بدل من رزق أو خبر مبتدأ محذوف : أي هو فواكه وهذا هو الظاهر والفواكه جمع الفاكهة وهي الثمار كلها رطبها ويابسها وخصص الفواكه بالذكر لأن أرزاق أهل الجنة كلها فواكه كذا قيل والأول أن يقال : إن تخصيصها بالذكر لأنها أطيب ما يأكلونه وأذ ما تشتهيه أنفسهم وقيل إن الفواكه من أتباع سائر الأطعمة ذكرها يغني عن ذكر غيرها وجملة ﴿ وهم مكرمون ﴾ في محل نصب على الحال : أي ولهم من الله عز و جل إكرام عظيم برفع درجاتهم عنده وسماع كلامه ولقائه في الجنة قرأ الجمهور ﴿ مكرمون ﴾ بتخفيف الراء وقرأ أبو مقسم بتشديدها
وقوله ٤٣ - ﴿ في جنات النعيم ﴾ يجوز أن يتعلق بمكرمون وأن يكون حبرا ثانيا وأن يكون حالا
وقوله : ٤٤ - ﴿ على سرر ﴾ يحتمل أن يكون حالا وأن يكون خبرا ثالثا وانتصاب ﴿ متقابلين ﴾ على الحالية من الضمير في مكرمون أو من الضمير في متعلق على سرر قال عكرمة ومجاهد : معنى التقابل أنه لا ينظر بعضهم في قفا بعض وقيل إنها تدور بها الأسرة كيف شاءوا فلا يرى بعضهم قفا بعض قرأ الجمهور سرر بضم الراء وقرأ أبو السماك بفتحها وهي لغة بعض تميم