قوله : ٥٠ - ﴿ فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ﴾ معطوف على يطاف : أي يسأل هذا ذاك وذاك هذا حال شربهم عن أحوالهم التي كانت في الدنيا وذلك من تمام نعيم الجنة والتقدير : فيقبل بعضهم على بعض وإنما عبر عنه بالماضي للدلالة على تحقق وقوعه
٥١ - ﴿ قال قائل منهم ﴾ أي قال قائل من أهل الجنة في حال إقبال بعضهم على بعض الحديث وسؤال بعضهم لبعض ﴿ إني كان لي قرين ﴾ أي صاحب ملازم لي في الدنيا كافر بالبعث منكر له
كما يدل عليه قوله :﴿ أإنك لمن المصدقين ﴾ يعني بالبعث والجزاء وهذا الاستفهام من القرين لتوبيخ ذلك المؤمن وتبكيته بإيمانه وتصديقه بما وعد الله به من البعث وكان هذا القول منه في الدنيا
ثم ذكر ما يدل على الاستبعاد للبعث عنده وفي زعمه فقال : ٥٣ - ﴿ أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمدينون ﴾ أي مجزيون بأعمالنا ومحاسبون بها بعد أن صرنا ترابا وعظاما وقيل معنى مدينون مسوسون يقال دانه : إذا ساسه قال سعيد بن جبير : قرينه شريكه وقيل أراد بالقرين الشيطان الذي يقارنه وأنه كان يوسوس إليه بإنكار البعث وقد مضى ذكر قصتهما في سورة الكهف والاختلاف في اسميها قرأ الجمهور ﴿ لمن المصدقين ﴾ بتخفيف الصاد من التصديق / أي لمن المصدقين بالبعث وقرئ بتشديدها ولا أدري من قرأ بها ومعناها بعيد لأنها من التصدق لا من التصديق ويمكن تأويلها بأنه أنكر عليه التصدق بماله لطلب الثواب وعلل ذلك باستبعاد البعث
وقد اختلف القراء في هذه الاستفهامات الثلاثة فقرأ نافع الأولى والثانية بالاستفهام بهمزة والثالثة بكسر الألف من غير استفهام ووافقه الكسائي إلا أنه يستفهم الثالثة بهمزتين وابن عامر الأولى والثالثة بهمزتين والثانية بكسر الألف من غير استفهام والباقون بالاستفهام في جميعها ثم اختلفوا فابن كثير يستفهم بهمزة واحدة غير مطولة وبعده ساكنة خفيفة وأبو عمرو مطولة وعاصم وحمزة بهمزتين
٥٤ - ﴿ قال هل أنتم مطلعون ﴾ القائل هو المؤمن الذي في الجنة بعد ما حكى لجلسائه فيها ما قاله له قرينه في الدنيا : أي هل أنتم مطلعون إلى أهل النار لأريكم ذلك القرين الذي قال لي تلك المقالة كيف منزلته في النار ؟ قال ابن الأعرابي : الاستفهام هو بمعنى الأمر : أي اطلعوا وقيل القائل هو الله سبحانه وقيل الملائكة والأول أولى


الصفحة التالية
Icon