١٦ - ﴿ وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب ﴾ لما سمعوا ما توعدهم الله به من العذاب قالوا هذه المقالة استهزاءا وسخرية والقط في اللغة النصيب من القط وهو القطع وبهذا قال قتادة وسعيد بن جبير قال الفراء : القط في كلام العرب الحظ والنصيب ومنه قيل للصك قط قال أبو عبيدة والكسائي : القط الكتاب بالجوائز والجمع القطوط ومنه قول الأعشى :

( ولا الملك النعمان يوم لقيته بغبطته يعطي القطوط ويأفق )
ومعنى يأفق يصلح ومعنى الآية سؤالهم لربهم أن يعجل لهم نصيبهم وحظهم من العذاب وهو مثل قوله ﴿ ويستعجلونك بالعذاب ﴾ وقيل السدي : سألوا ربهم أن يمثل لهم منازلهم من الجنة ليعلموا حقيقة ما يوعدون به وقال إسماعيل بن أبي خالد : المعنى عجل لنا أرزاقنا وبه قال سعيد بن حبير والسدي وقال أبو العالية والكلبي ومقاتل : لما نزل ﴿ فأما من أوتي كتابه بيمينه ﴾ ﴿ وأما من أوتي كتابه بشماله ﴾ قالت قريش : زعمت يا محمد أنا نؤتى كتابنا بشمالنا فعجل لنا قطنا قبل يوم الحساب
ثم أمر الله سبحانه نبيه أن يصبر على ما يسمعه من أقوالهم فقال ١٧ - ﴿ اصبر على ما يقولون ﴾ من أقوالهم الباطلة التي هذا القول المحكي عنهم من جملتها وهذه الآية منسوخة بآية السيف ﴿ واذكر عبدنا داود ذا الأيد ﴾ لما فرغ من ذكر قرون الضلالة وأمم الكفر والتكذيب وأمر نبيه صلى الله عليه و سلم بالصبر على ما يسمعه زاد في تسليته بذكر قصة داود وما بعدها ومعنى ﴿ اذكر عبدنا داود ﴾ اذكر قصته فإنك تجد فيها ما تتسلى به والأيد : القوة ومنه رجل أيد : أي قوي وتأيد الشيء : تقوى والمراد ما كان فيه عليه السلام من القوة على العباد قال الزجاج : وكانت قوة داود على العبادة أتم قوة ومن قوته ما أخبرنا به نبينا صلى الله عليه و سلم أنه كان يصوم يوما ويفطر يوما وكان يصلي نصف الليل وكان لا يفر إذا لاقى العدو وجملة ﴿ إنه أواب ﴾ تعليل لكونه ذا الأيد والأواب : الرجاع عن كل ما يكرهه الله سبحانه إلى ما يحبه ولا يستطيع ذلك إلا من كان قويا في دينه وقيل : معناه كلما ذكر ذنبه استغفر منه وتاب عنه وهذا داخل تحت المعنى الأول يقال آب يؤوب : إذا رجع


الصفحة التالية
Icon