ثم لما حكم على القاسية قلوبهم بحكم في الدنيا وهو الضلال حكم عليهم في الآخرة بحكم آخر وهو العذاب فقال : ٢٤ - ﴿ أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة ﴾ والاستفهام للإنكار وقد تقدم الكلام فيه وفي هذه الفاء الداخلة على من في قوله :﴿ أفمن حق عليه كلمة العذاب ﴾ ومن مبتدأ وخبرها محذوف لدلالة المقام عليه والمعنى : أفمن شأنه أن يقي نفسه بوجهه الذي هو أشرف أعضائه سوء العذاب يوم القيامة لكون يده قد صارت مغلولة إلى عنقه كم هو آمن لا يعتريه شيء من ذلك ولا يحتاج إلى الاتقاء قال الزجاج : المعنى أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب كمن يدخل الجنة قال عطاء وابن زيد : يرمى به مكتوفا في النار فأول شيء تمس منه وجهه وقال مجاهد يجر على وجهه في النار قال الأخفش : المعنى أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب أفضل أم من سعد ؟ مثل قوله :﴿ أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة ﴾ ثم أخبر سبحانه عما تقوله الخزنة للكفار فقال :﴿ وقيل للظالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون ﴾ وهو معطوف على يتقي : أي ويقال لهم وجاء بصيغة الماضي للدلالة على التحقيق قال عطاء : أي جزاء ما كنتم تعملون ومثل هذه الآية قوله :﴿ هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون ﴾ وقد تقدم الكلام على معنى الذوق في غير موضع