ثم أخبر سبحانه عن حال من قبلهم من الكفار فقال : ٢٥ - ﴿ كذب الذين من قبلهم ﴾ أي من قبل الكفار المعاصرين لمحمد صلى الله عليه و سلم والمعنى : أنهم كذبوا رسلهم ﴿ فأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ﴾ أي من جهة لا يحتسبون إتيان العذاب منها وذلك عند أمنهم وغفلتهم عن عقوبة الله لهم بتكذيبهم
٢٦ - ﴿ فأذاقهم الله الخزي ﴾ أي الذل والهوان ﴿ في الحياة الدنيا ﴾ بالمسخ والخسف والقتل والأسر وغير ذلك ﴿ ولعذاب الآخرة أكبر ﴾ لكونه في غاية الشدة مع دوامه ﴿ لو كانوا يعلمون ﴾ أي لو كانوا ممن يعلم الأشياء ويتفكر فيها ويعمل بمقتضى علمه قال المبرد : يقال لكم ما نال الجارحة من شيء قد ذاقته : أي وصل إليها كما تصل الحلاوة والمرارة إلى الذائق لهما قال : والخزي المكروه
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء ﴾ الآية قال : ما في الأرض ماء إلا نزل من السماء ولكنعروق في الأرض تغيره فذلك قوله :﴿ فسلكه ينابيع في الأرض ﴾ فمن سره أن يعود الملح عذبا فليصعده وأخرج ابن مردويه عنه في قوله :﴿ أفمن شرح الله صدره للإسلام ﴾ قال : أبو بكر الصديق وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال :[ تلا النبي صلى الله عليه و سلم هذه الآية ﴿ أفمن شرح الله صدره ﴾ قلنا يا نبي الله كيف انشراح صدره ؟ قال : إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح قلنا : فما علامة ذلك يا رسول الله ؟ فقال : الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والتأهب للموت قبل نزول الموت ] وأخرج ابن مردويه عن محمد بن كعب القرظي مرفوعا مرسلا وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن عمر [ أن رجلا قال : يا نبي الله أي المؤمنين أكيس ؟ قال : أكثرهم ذكرا للموت وأحسنهم له استعدادا وإذا دخل النور في القلب انفسح واستوسع فقالوا : ما آية ذلك يا نبي الله قال : الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والاستعداد للموت قبل نزول الموت ] وأخرجه عن أبي جعفر عبد الله بن المسور عن رسول الله صلى الله عليه و سلم بنحوه وزاد فيه ثم قرأ ﴿ أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه ﴾ وأخرج الترمذي وابن مردويه وابن شاهين في الترغيب في الذكر والبيهقي في الشعب عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :[ لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب وإن أبعدالناس من الله القلب القاسي ] وأخرج ابن جرير عن ابن عباس [ قال : قالوا يا رسول الله لو حدثتنا فنزل ﴿ الله نزل أحسن الحديث ﴾ الآية ] وأخرج ابن مردويه عنه في قوله :﴿ مثاني ﴾ قال : القرآن كله مثاني وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا في الآي قال : القرآن يشبه بعضه بعضا ويرد بعضه إلى بعض وأخرج ابن جرير وابن مردويه عنه أيضا في الآية قال : كتاب الله مثاني ثني فيه الأمر مرارا وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن مردويه وابن عساكر عن عبد الله بن عروة بن الزبير قال : قلت لجدتي أسماء كيف كان يصنع أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا قرأوا القرآن ؟ قالت : كانوا كما نعتهم الله تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم قلت : فإن ناسا ها هنا إذا سمعوا ذلك تأخذهم عليه غشية قالت : أعوذ بالله من الشيطان وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب ﴾ قال : ينطلق به إلى النار مكتوفا ثم يرمى به فيها ما تمس وجهه النار