ثم أحاب الله سبحانه عن قولهم هذا بقوله : ١٢ - ﴿ ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم ﴾ أي ذلك الذي أنتم فيه من العذاب بسبب أنه إذا دعي الله في الدنيا وحده دون غيره كفرتم به وتركتم توحيده ﴿ وإن يشرك به ﴾ غيره من الأصنام أو غيرها ﴿ تؤمنوا ﴾ بالإشراك به وتجيبوا الداعي إليه فبين سبحانه لهم السبب الباعث على عدم إجابتهم إلى الخروج من النار وهو ما كانوا فيه من ترك توحيد الله وإشراك غيره به في العبادة التي رأسها الدعاء ومحل ذلكم العذاب الذي أنتم فيه بذلك السبب وفي الكلام حذف والتقدير : فأجيبوا بأن لا سبيل إلى الرد وذلك لأنكم كنتم إذا دعي الله إلخ ﴿ فالحكم لله ﴾ وحده دون غيره وهو الذي حكم عليكم بالخلود في النار وعدم الخروج منها و ﴿ العلي ﴾ المتعالي عن أن يكون له مماثل في ذاته ولا صفاته و ﴿ الكبير ﴾ الذي كبر عن أن يكون له مثل أو صاحبة أو ولد أو شريك
١٣ - ﴿ هو الذي يريكم آياته ﴾ أي دلائل توحيده وعلامات قدرته ﴿ وينزل لكم من السماء رزقا ﴾ يعني المطر فإنه سبب الأرزاق جمع سبحانه بين إظهار الآيات وإنزال الأرزاق لأن بإظهار الآيات قوام الأديان وبالأرزاق قوام الأبدان وهذه الآيات هي التكوينية التي جعلها الله سبحانه في سمواته وأرضه وما فيهما وما بينهما قرأ الجمهور ﴿ ينزل ﴾ بالتشديد وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بالتخفيف ﴿ وما يتذكر إلا من ينيب ﴾ أي ما يتذكر ويتعظ بتلك الآيات الباهرة فيستدل بها على التوحيد وصدق الوعد والوعيد إلا من ينيب : أي يرجع إلى طاعة الله بما يستفيده من النظر في آيات الله