قوله : ٥٣ - ﴿ ولقد آتينا موسى الهدى ﴾ هذا من جملة ما قصه الله سبحانه قريبا من نصره لرسله : أي آتيناه التوراة والنبوة كما قي قوله سبحانه :﴿ إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور ﴾ قال مقاتل : الهدى من الضلالة : يعني التوراة
٥٤ - ﴿ وأورثنا بني إسرائيل الكتاب * هدى وذكرى لأولي الألباب ﴾ المراد بالكتاب التوراة ومعنى أورثنا أن الله سبحانه لما أنزل التوراة على موسى بقيت بعده فيهم وتوارثوها خلفا عن سلف وقيل المراد بالكتاب سائر الكتب المنزلة على أنبياء بني إسرائيل بعد موت موسى وهدى وذكرى في محل نصب على أنهما مفعول لأجله : أي لأجل الهدى والذكر أو على أنهما مصدران في موضع الحال أي هاديا ومذكرا والمراد بأولي الألباب أهل العقول السليمة
ثم أمر الله رسوله صلى الله عليه و سلم بالصبر على الأذى فقال : ٥٥ - ﴿ فاصبر إن وعد الله حق ﴾ أي اصبر على أذى المشركين كما صبر من قبلك من الرسل إن وعد الله الذي وعد به رسله حق لا خلف فيه ولا شك في وقوعه كما في قوله :﴿ إنا لننصر رسلنا ﴾ وقوله :﴿ ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون * وإن جندنا لهم الغالبون ﴾ قال الكلبي : نسخ هذا بآية السيف ثم أمره سبحانه بالاستغفار لذنبه فقال :﴿ واستغفر لذنبك ﴾ قيل المراد ذنب أمتك فهو على حذف مضاف وقيل المراد الصغائر عند من يجوزها على الأنبياء وقيل هو مجرد تعبد له صلى الله عليه و سلم بالاستغفار لزيادة الثواب وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ﴿ وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار ﴾ أي دم على تنزيه الله ملتبسا بحمده وقيل المراد صل في الوقتين صلاة العصر وصلاة الفجر قاله الحسن وقتادة وقيل هما صلاتان ركعتان غدوة وركعتان عشية وذلك قبل أن تفرض الصلوات الخمس
٥٦ - ﴿ إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم ﴾ أي بغير حجة ظاهرة واضحة جاءتهم من جهة الله سبحانه ﴿ إن في صدورهم إلا كبر ﴾ أي ما في قلوبهم إلا تكبرا عن الحق يحملهم على تكذيبك وجملة ﴿ ما هم ببالغيه ﴾ صفة لكبر قال الزجاج : المعنى ما في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغي إرادتهم فيه فجعله على حذف المضاف وقال غيره : ما هم ببالغي الكبر وقال ابن قتيبة : المعنى إن في صدورهم إلا كبر : أي تكبر على محمد صلى الله عليه و سلم وطمع أن يغلبوه وما هم ببالغي ذلك وقيل المراد بالكبر الأمر الكبير : أي يطلبون النبوة أو يطلبون أمرا كبيرا يصلون به إليك من القتل ونحوه ولا يبلغون ذلك وقال مجاهد : معناه في صدورهم عظمة ما هم ببالغيها والمراد بهذه الآية المشركون وقيل اليهود كما سيأتي بيانه آخر البحث إن شاء الله ثم أمره الله سبحانه بأن يستعيذ بالله من شرورهم فقال :﴿ فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير ﴾ أي فالتجئ إليه من شرهم وكيدهم وبغيهم عليك إنه السميع لأقوالهم البصير بأفعالهم لا تخفى عليه من ذلك خافية


الصفحة التالية
Icon