أمر الله سبحانه رسوله أن يخبر المشركين بأن الله نهاه عن عبادة غيره وأمره بالتوحيد فقال : ٦٦ - ﴿ قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله ﴾ وهي الأصنام ثم بين وجه النهي فقال :﴿ لما جاءني البينات من ربي ﴾ وهي الأدلة العقلية والنقلية فإنها توجب التوحيد ﴿ وأمرت أن أسلم لرب العالمين ﴾ أي أستسلم له بالانقياد والخضوع
ثم أردف هذا بذكر دليل من الأدلة على التوحيد فقال :﴿ هو الذي خلقكم من تراب ﴾ أي خلق أباكم الأول وهو آدم وخلقه من تراب يستلزم خلق ذريته منه ﴿ ثم من نطفة ثم من علقة ﴾ قد تقدم تفسير هذا في غير موضع ﴿ ثم يخرجكم طفلا ﴾ أي أطفالا وأفرده لكونه اسم جنس أو على معنى يخرج كل واحد منكم طفلا ﴿ ثم لتبلغوا أشدكم ﴾ وهي الحالة التي تجتمع فيها القوة والعقل وقد سبق بيان الأشد مستوفى في الأنعام واللام التعليلية في لتبلغوا غاية الكمال وقوله :﴿ ثم لتكونوا شيوخا ﴾ معطوف على لتبلغوا قرأ نافع وحفص وأبو عمرو وابن محيصن وهشام ﴿ شيوخا ﴾ بضم الشين وقرأ الباقون بكسرها وقرئ شيخا على الإفراد لقوله طفلا والشيخ من جاوز الأربعين سنة ﴿ ومنكم من يتوفى من قبل ﴾ أي من قبل الشيخوخة ﴿ ولتبلغوا أجلا مسمى ﴾ أي وقت الموت أو يوم القيامة واللام هي لام العاقبة ﴿ ولعلكم تعقلون ﴾ أي لكي تعقلوا توحيد ربكم وقدرته البالغة في خلقكم على هذه الأطوار المختلفة
٦٨ - ﴿ هو الذي يحيي ويميت ﴾ أي يقدر على الإحياء والإماتة ﴿ فإذا قضى أمرا ﴾ من الأمور التي يريدها ﴿ فإنما يقول له كن فيكون ﴾ من غير توقف وهو تمثيل لتأثير قدرته في المقدورات عند تعلق إرادته بها وقد تقدم تحقيق معناه في البقرة وفيما بعدها