ثم ذكر سبحانه ما أنزل عليهم من عذابه فقال : ١٦ - ﴿ فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا ﴾ الصرصر الريح الشديدة الصوت من الصرة وهي الصيحة قال أبو عبيدة : معنى صرصر شديدة عاصفة وقال الفراء : هي الباردة تحرق كما تحرق النار وقال عكرمة وسعيد بن جبير وقتادة : هي الباردة وأنشد قطرب قول الحطيئة :
( المطعمون إذا هبت بصرصرة | والحاملون إذا استودوا عن الناس ) |
( لها غدر كقرون النسا | ء ركبن في يوم ريح وصر ) |
ثم ذكر حال الطائفة الأخرى فقال : ١٧ - ﴿ وأما ثمود فهديناهم ﴾ أي بينا له سبيل النجاة ودللناهم على طريق الحق بإرسال الرسل إليهم ونصب الدلالات لهم من مخلوقات الله فإنها توجب على كل عاقل أن يؤمن بالله ويصدق رسله قال الفراء : معنى الآية دللناهم على مذهب الخير بإرسال الرسل قرأ الجمهور ﴿ وأما ثمود ﴾ بالرفع ومنع الصرف وقرأ الأعمش وابن وثاب بالرفع والصرف وقرأ ابن عباس وابن أبي إسحاق وعاصم في رواية بالنصب والصرف وقرأ الحسن وابن هرمز وعاصم في رواية بالنصب والمنع فأما الرفع فعلى الابتداء والجملة بعده الخبر وأما النصب فعلى الاشتغال وأما الصرف فعلى تفسير الاسم بالأب أو الحي وأما المنع فعلى تأويله بالقبيلة ﴿ فاستحبوا العمى على الهدى ﴾ أي اختاروا الكفر على الإيمان وقال أبو العالية اختاروا العمى على البيان وقال السدي : اختاروا المعصية على الطاعة ﴿ فأخذتهم صاعقة العذاب الهون ﴾ قد تقدم أن الصاعقة اسم للشيء المهلك لأي شيء كان والهون الهوان والإهانة فكأنه قال أصابهم مهلك العذاب ذي الهوان أو الإهانة ويقال عذاب هون : أي مهين كقوله :﴿ ما لبثوا في العذاب المهين ﴾ والباء في ﴿ بما كانوا يكسبون ﴾ للسببية أي بسبب الذي كانوا يكسبونه أو بسبب كسبهم