٥٩ - ﴿ وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم ﴾ بين سبحانه هاهنا حكم الأطفال الأحرار إذا بلغوا الحلم بعد ما بين فيما مر حكم الأطفال الذين لم يبلغوا الحلم في أنه لا جناح عليهم في ترك الاستئذان فيما عدا الأوقات الثلاثة فقال :﴿ فليستأذنوا ﴾ يعني الذين بلغوا الحلم إذا دخلوا عليكم ﴿ كما استأذن الذين من قبلهم ﴾ والكاف نعت مصدر محذوف : أي استئذانا كما استأذن الذين من قبلهم والموصول عبارة عن الذين قيل لهم ﴿ لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا ﴾ الآية والمعنى : أن هؤلاء الذين بلغوا الحلم يستأذنون في جميع الأوقات كما استأذن الذين من قبلهم من الكبار الذين أمروا بالاستئذان من غير استثناء ثم كرر ما تقدم للتأكيد فقال :﴿ كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم ﴾ وقرأ الحسن ﴿ الحلم ﴾ فحذف الضمة لثقلها قال عطاء : واجب على الناس أن يستأذنوا إذا احتلموا أحرارا كانوا أو عبيدا وقال الزهري : يستأذن الرجل على أمه وفي هذا المعنى نزلت هذه الآية والمراد بالقواعد من النساء : العجائز اللاتي قعدن عن الحيض والولد من الكبر واحدتها قاعد بلا هاء ليدل حذفها على أنه قعود الكبر كما قالوا : امرأة حامل ليدل بحذف الهاء على أنه حمل حبل ويقال : قاعدة في بيتها وحاملة على ظهرها قال الزجاج : هن اللاتي قعدن عن التزويج
وهو معنى قوله ٦٠ - ﴿ اللاتي لا يرجون نكاحا ﴾ أي لا يطمعن فيه لكبرهن وقال أبو عبيدة : اللاتي قعدن عن الولد وليس هذا بمستقيم لأن المرأة تقعد عن الولد وفيها مستمتع ثم ذكر سبحانه حكم القواعد فقال :﴿ فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن ﴾ أي الثياب التي تكون على ظاهر البدن كالجلباب ونحوه ولا الثياب التي على العورة الخاصة وإنما جاز لهن ذلك لانصراف الأنفس عنهن إذ لا رغبة للرجال فيهن فأباح الله سبحانه لهن ما لم يبحه لغيرهن ثم استثنى حالة من حالاتهن فقال :﴿ غير متبرجات بزينة ﴾ أي غير مظهرات للزينة التي أمرن بإخفائها في قوله :﴿ ولا يبدين زينتهن ﴾ والمعنى : من غير أن يردن بوضع الجلابيب إظهار زينتهن ولا متعرضات بالتزين لينظر إليهن الرجال والتبرج التكشف والظهور للعيون ومنه ﴿ بروج مشيدة ﴾ وبروج السماء ومنه قولهم : سفينة بارجة : أي لا غطاء عليها ﴿ وأن يستعففن خير لهن ﴾ أي وأن يتركن وضع الثياب فهو خير لهن من وضعها وقرأ عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس ﴿ أن يضعن ثيابهن ﴾ بزيادة من وقرأ ابن مسعود :﴿ وأن يستعففن ﴾ بغير سين ﴿ والله سميع عليم ﴾ كثير السماع والعلم أو بليغهما


الصفحة التالية
Icon