٥٠ - ﴿ أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ﴾ أي يقرن بين الإناث والذكور ويجعلهم أزواجا فيهبهما جميعا لبعض خلقه قال مجاهد : هو أن تلد المرأة غلاما ثم تلد جارية ثم تلد غلاما ثم تلد جارية وقال محمد ابن الحنفية : هو أن تلد توأما غلاما وجارية وقال القتيبي : التزويج هنا هو الجمع بين البنين والبنات تقول العرب : زوجت إبلي : إذا جمعت بين الصغار والكبار ومعنى الآية أوضح من أن يختلف في مثله فإنه سبحانه أخبر أنه يهب لبعض خلقه إناثا ويهب لبعض ذكورا ويجمع بين الذكور والإناث ﴿ ويجعل من يشاء عقيما ﴾ لا يولد له ذكر ولا أنثى والعقيم الذي لا يولد له يقال رجل عقيم وامرأة عقيم وعقمت المرأة تعقم عقما وأصله القطع ويقال نساء عقم ومنه قول الشاعر :

( عقم النساء فما يلدن شبيهه إن النساء بمثله عقم )
﴿ إنه عليم قدير ﴾ أي بليغ العلم عظيم القدرة
٥١ - ﴿ وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا ﴾ أي ما صح لفرد من أفراد البشر أن يكلمه الله بوجه من الوجوه إلا بأن يوحي إليه فيلهمه ويقذف ذلك في قلبه قال مجاهد : نفث ينفث في قلبه فيكون إلهاما منه كما أوحى إلى أم موسى وإلى إبراهيم في ذبح ولده ﴿ أو من وراء حجاب ﴾ كما كلم موسى يريد أن كلامه يسمع من حيث لا يرى وهو تمثيل بحال الملك المحتجب الذي يكلم خواصه من وراء حجاب ﴿ أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء ﴾ أي يرسل ملكا فيوحي ذلك الملك إلى الرسول من البشر بأمر الله وتيسيره ما يشاء أن يوحي إليه قال الزجاج : المعنى أن كلام الله للبشر : إما أن يكون بإلهام يلهمهم أو يكلمهم من وراء حجاب كما كلم موسى أو برسالة ملك إليهم وتقدير الكلام : ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا أن يوحي وحيا أو يكلمه من وراء حجاب أو يرسل رسولا ومن قرأ ﴿ يرسل ﴾ رفعا أراد وهو يرسل فهو ابتداء واستئناف اهـ قرأ الجمهور بنصب ﴿ أو يرسل ﴾ وبنصب ﴿ فيوحي ﴾ على تقدير أن وتكون أن وما دخلت عليه معطوفين على وحيا ووحيا في محل الحال والتقدير : إلا موحيا أو مرسلا ولا يصح عطف أو يرسل على أن يكلمه لأنه يصير التقدير : وما كان لبشر أن يرسل الله رسولا وهو فاسد لفظا ومعنى وقد قيل في توجيه قراءة الجمهور غير هذا مما لا يخلو عن ضعف وقرأ نافع ﴿ أو يرسل ﴾ بالرفع وكذلك ﴿ فيوحي ﴾ بإسكان الياء على أنه خبر مبتدإ محذوف والتقدير : أو هو يرسل كما قال الزجاج وغيره وجملة ﴿ إنه علي حكيم ﴾ تعليل لما قبلها : أي متعال عن صفات النقص حكيم في كل أحكامه
قال المفسرون : سبب نزول هذه الآية أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه و سلم : ألا تكلم الله وتنظر إليه إن كنت نبيا كما كلمه موسى فنزلت


الصفحة التالية
Icon