١٤ - ﴿ وإنا إلى ربنا لمنقلبون ﴾ أي راجعون إليه وهذا تمام ما يقال عند ركوب الدابة أو السفينة
ثم رجع سبحانه إلى ذكر الكفار الذين تقدم ذكرهم فقال : ١٥ - ﴿ وجعلوا له من عباده جزءا ﴾ قال قتادة : أي عدلا يعني ما عبد من دون الله وقال الزجاج والمبرد : الجزء هنا البنات والجزء عند أهل العربية البنات يقال قد أجزأت المرأة : إذا ولدت البنات ومنه قول الشاعر :

( إن أجزأت حرة يوما فلا عجب قد تجزئ الحرة المذكار أحيانا )
وقد جعل صاحب الكشاف تفسير الجزء بالبنات من بدع التفسير وصرح بأنه مكذوب على العرب ويجاب عنه بأنه قد رواه الزجاج والمبرد وهما إمامة اللغة العربية وحافظاها ومن إليهما المنتهي في معرفتها ويؤيد تفسير الجزء بالبنات ما سيأتي من قوله :﴿ أم اتخذ مما يخلق بنات ﴾ وقوله :﴿ وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن ﴾ وقوله :﴿ وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا ﴾ وقيل المراد الجزاء هنا الملائكة فإنهم جعلوهم أولاد الله سبحانه قاله مجاهد والحسن قال الأزهري : ومعنى الآية أنهم جعلوا لله من عباده نصيبا مبالغ فيه قيل المراد بالغنسان هنا الكافر فإنه الذي يجحد نعم الله عليه جحودا بينا
ثم أنكر عليهم هذا فقال : ١٦ - ﴿ أم اتخذ مما يخلق بنات ﴾ وهذا استفهام تقريع وتوبيخ و ﴿ أم ﴾ هي المنقطعة والمعنى : أتخذ ربكم لنفسه البنات ﴿ وأصفاكم بالبنين ﴾ فجعل لنفسه المفضول من الصنفين ولكم الفاضل منهما يقال أصفيته بكذا : أي آثرته به وأصفيته الود : أخلصته له ومثل هذه الآية قوله :﴿ ألكم الذكر وله الأنثى * تلك إذا قسمة ضيزى ﴾ وقوله ﴿ أفأصفاكم ربكم بالبنين ﴾ وجملة ﴿ وأصفاكم ﴾ معطوفة على ﴿ اتخذ ﴾ داخلة معها تحت الإنكار


الصفحة التالية
Icon