فالشبهة الأولى ما حكاه عنهم بقوله : ٤ - ﴿ وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك ﴾ أي كذب ﴿ افتراه ﴾ أي اختلقه محمد صلى الله عليه و سلم والإشارة بقوله هذا إلى القرآن ﴿ وأعانه عليه ﴾ أي على الاختلاق ﴿ قوم آخرون ﴾ يعنون من اليهود قيل وهم : أبو فكيهة يسار مولى الحضرمي وعداس مولى حويطب بن عبد العزى وجبر مولى ابن عامر وكان هؤلاء الثلاثة من اليهود وقد مر الكلام على مثل هذا في النحل ثم رد الله سبحانه عليهم فقال :﴿ فقد جاؤوا ظلما وزورا ﴾ أي فقد قالوا ظلما هائلا عظيما وكذبا ظاهرا وانتصاب ظلما بجاءوا فإن جاء قد يستعمل استعمال أتى ويعدى تعديته وقال الزجاج : إنه منصوب بنزع الخافض والأصل جاءوا بظلم وقيل هو منتصب على الحال وإنما كان ذلك منهم ظلما لأنهم نسبوا القبيح إلى من هو مبرا منه فقد وضعوا الشيء في غير موضعه وهذا هو الظلم وأما كون ذلك منهم زورا فظاهر لأنهم قد كذبوا هذه المقالة
ثم ذكر الشبهة الثانية فقال : ٥ - ﴿ وقالوا أساطير الأولين ﴾ أي أحاديث الأولين وما سطروه من الأخبار قال الزجاج : واحد الأساطير أسطورة مثل أحاديث وأحدوثة وقال غيره : أساطير جمع أسطار مثل أقاويل وأقوال ﴿ اكتتبها ﴾ أي استكتبها أو كتبها لنفسه ومحل اكتتبها خبره ويجوز أن يكون معنى اكتتبها جمعها من الكتب وهو الجمع لا من الكتابة بالقلم والأولى أولى وقرأ طلحة ﴿ اكتتبها ﴾ مبنيا للمفعول والمعنى : اكتتبها له كاتب لأنه كان أميا لا يكتب ثم حذفت اللام فأفضى الفعل إلى الضمير فصار اكتتبها إياه ثم بنى الفعل للضمير الذي هو إياه فانقلب مرفوعا مستترا بعد أن كان منصوبا بارزا كذا قال في الكشاف واعرضه أبو حيان ﴿ فهي تملى عليه ﴾ أي تلقى عليه تلك الأساطير بعد ما اكتتبها ليحفظها من أفواه من يمليها عليه من ذلك المكتتب لكونه أميا لا يقدر على أن يقرأها من ذلك المكتوب بنفسه ويجوز أن يكون المعنى اكتتبها أراد اكتتابها ﴿ فهي تملى عليه ﴾ لأنه يقال أمليت عليه فهو يكتب ﴿ بكرة وأصيلا ﴾ غدوة وعشيا كأنهم قالوا : إن هؤلاء يعلمون محمدا طرفي النهار وقيل معنى بكرة وأصيلا : دائما في جميع الأوقات


الصفحة التالية
Icon