فأجاب سبحانه عن هذه الشبهة بقوله : ٥ - ﴿ قل أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض ﴾ أي ليس ذلك مما يفترى ويفتعل بإعانة قوم وكتابة آخرين من الأحاديث الملفقة وأخبار الأولين بل هو أمر سماوي أنزله الذي يعلم كل شيء لا يغيب عنه شيء من الأشياء فلهذا عجزتم عن معارضته ولم تأتوا بسورة منه وخص السر للإشارة إلى انطواء ما أنزله سبحانه على أسرار بديعة لا تبلغ إليها عقول البشر والسر : الغيب أي يعلم الغيب الكائن فيهما وجملة ﴿ إنه كان غفورا رحيما ﴾ تعليل لتأخير العقوبة : أي إنكم وإن كنتم مستحقين لتعجيل العقوبة لما تفعلونه من الكذب على رسوله والظلم له فإنه لا يجعل عليكم بذلك لأنه كثير المغفرة والرحمة
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس ﴿ تبارك ﴾ تفاعل من البركة وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :﴿ وأعانه عليه قوم آخرون ﴾ قال يهود :﴿ فقد جاؤوا ظلما وزورا ﴾ قال : كذبا وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ﴾ هو القرآن فيه حلاله وحرامه وشرائعه ودينه وفرق الله بين الحق والباطل ﴿ ليكون للعالمين نذيرا ﴾ قال : بعث الله محمدا صلى الله عليه و سلم نذيرا من الله لينذر الناس بأس الله ووقائعه بمن خلا قبلكم ﴿ وخلق كل شيء فقدره تقديرا ﴾ قال : بين لكل شيء من خلقه صلاحه وجعل ذلك بقدر معلوم ﴿ واتخذوا من دونه آلهة ﴾ قال : هي الأوثان التي تعبد من دون الله ﴿ لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ﴾ وهو الله الخالق الرازق وهذه الأوثان تخلق ولا تخلق شيئا ولا تضر ولا تنفع ولا تملك موتا ولا حياة ولا نشورا : يعني بعثا ﴿ وقال الذين كفروا ﴾ هذا قول مشركي العرب ﴿ إن هذا إلا إفك ﴾ هو الكذب ﴿ افتراه وأعانه عليه ﴾ أي على حديثه هذا وأمره ﴿ قوم آخرون فقد جاؤوا ظلما وزورا * وقالوا أساطير الأولين ﴾ كذب الأولين وأحاديثهم


الصفحة التالية
Icon