لما فرغ سبحانه من ذكر ما طعنوا به على القرآن ذكر ما طعنوا به على رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال ٧ - ﴿ وقالوا مال هذا الرسول ﴾ وفي الإشارة هنا تصغير لشأن المشار إليه وهو رسول الله صلى الله عليه و سلم وسموه استهزاء وسخرية ﴿ يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ﴾ أي ما باله يأكل الطعام كما نأكل ويتردد في الأسواق لطلب المعاش كما نتردد وزعموا أنه كان يجب أن يكون ملكا مستغنيا عن الطعام والكسب وما الاستفهامية في محل رفع على الابتداء والاستفهام للاستنكار وخبر المبتدأ لهذا الرسول وجملة يأكل في محل نصب على الحال وبها تتم فائدة الإخبار كقوله :﴿ فما لهم عن التذكرة معرضين ﴾ والإنكار متوجه إلى السبب مع تحقق المسبب وهو الأكل والمشي ولكنه استبعد تحقق ذلك لانتفاء سببه عندهم تهكما واستهزاء والمعنى : أنه إن صح ما يدعيه من النبوة فما باله لم يخالف حاله حالنا ﴿ لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا ﴾ طلبوا أن يكون النبي صلى الله عليه و سلم مصحوبا بملك يعضده ويساعده تنزلوا عن اقتراح أن يكون الرسول صلى الله عليه و سلم ملكا مستغنيا عن الأكل والكسب إلى اقتراح أن يكون معه ملك يصدقه ويشهد له بالرسالة قرأ الجمهور ﴿ فيكون ﴾ بالنصب على كونه جواب التحضيض وقرئ فيكون بالرفع على أنه معطوف على أنزل وجاز عطفه على الماضي لأن المراد به المستقبل
٨ - ﴿ أو يلقى إليه كنز ﴾ معطوف على أنزل ولا يجوز عطفه على يكون معه كنز يلقى إليه من السماء ليستغني به عن طلب الرزق ﴿ أو تكون له جنة يأكل منها ﴾ قرأ الجمهور ﴿ تكون ﴾ بالمثناة الفوقية وقرأ الأعمش وقتادة يكون بالتحتية لأن تأنيث الجنة غير حقيقي وقرأ ﴿ نأكل ﴾ بالنون حمزة وعلي وخلف وقرأ الباقون ﴿ يأكل ﴾ بالمثناة التحتية : أي بستان نأكل نحن من ثماره أو يأكل هو وحده منه ليكون له بذلك مزية علينا حيث يكون أكله من جنته قال النحاس : والقراءتان حسنتان وإن كانت القراءة بالياء أبين لأنه قد تقدم ذكر النبي صلى الله عليه و سلم وحده فعود الضمير إليه بين ﴿ وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا ﴾ المراد بالظالمون هنا هم القائلون بالمقالات الأولى وإنما وضع الظاهر موضع المضمر مع الوصف بالظلم للتسجيل عليهم به : أي ما تتبعون إلا رجلا مغلوبا على عقله بالسحر وقيل ذا سحر وهي الرئة : أي بشرا له رئة لا ملكا وقد تقدم بيان مثل هذا في سبحان


الصفحة التالية
Icon