٢٤ - ﴿ ويطوف عليهم غلمان لهم ﴾ أي يطوف عليهم بالكأس والفواكه والطعام وغير ذلك مماليك لهم وقيل أولادهم ﴿ كأنهم ﴾ في الحسن والبهاء ﴿ لؤلؤ مكنون ﴾ أي مستور مصون في الصدف لم تمسه الأيدي قال الكسائي : كننت الشيء : سترته وصنته من الشمس وأكننته : جعلته في الكن ومنه كننت الجارية وأكننتها فهي مكنونة
٢٥ - ﴿ وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ﴾ أي يسأل بعضهم بعضا في الجنة عن حاله وما كان فيه من تعب الدنيا وخوف العاقبة فيحمدون الله الذي أذهب عنهم الحزن والخوف والهم وما كانوا فيه من الكد والنكد بطلب المعاش وتحصيل ما لا بد منه من الرزق وقيل يقول بعضهم لبعض : بم صرتم في هذه المنزلة الرفيعة ؟ وقيل إن التساؤل بينهم عند البعث من القبور والأول أولى لدلالة السياق على أنهم قد صاروا الجنة
وجملة : ٢٦ - ﴿ قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين ﴾ مستأنفة جواب سؤال مقدر كأنه قيل : ماذا قال بعضهم لبعض عند التساؤل ؟ فقيل : قالوا إنا كنا قبل : أي قبل الآخرة وذلك في الدنيا في أهلنا خائفين وجلين من عذاب الله أو كنا خائفين من عصيان الله
٢٧ - ﴿ فمن الله علينا ﴾ بالمغفرة والرحمة أو بالتوفيق لطاعته ﴿ ووقانا عذاب السموم ﴾ يعني عذاب جهنم والسموم من أسماء جهنم كذا قال الحسن ومقاتل وقال الكلبي وأبو عبيدة : هو عذاب النار وقال الزجاج : سموم جهنم ما يوجد من حرها قال أبو عبيدة : السموم بالنهار وقد يكون بالليل والحرور بالليل وقد يكون بالنهار وقد يستعمل السموم في لفح البرد وفي لفح الشمس والحر أكثر ومنه قول الشاعر :
( اليوم يوم بارد سمومه | من جزع اليوم فلا ألومه ) |
٢٨ - ﴿ إنا كنا من قبل ندعوه ﴾ أي نوحد الله ونعبده : أو نسأله أن يمن علينا بالمغفرة والرحمة ﴿ إنه هو البر الرحيم ﴾ قرأ الجمهور بكسر الهمزة على الاستئناف وقرأ نافع والكسائي بفتحها : أي لأنه والبر كثير الإحسان وقيل اللطيف والرحيم كثير الرحمة لعباده
٢٩ - ﴿ فذكر فما أنت بنعمة ربك بكاهن ولا مجنون ﴾ أي اثبت على ما أنت عليه من الوعظ والتذكير والباء متعلقة بمحذوف هو الحال : أي ما أنت ملتبسا بنعمة ربك التي أنعم بها عليك من رجاحة العقل والنبوة بكاهن ولا مجنون وقيل متعلقة بمحذوف يدل عليه الكلام : أي ما أنت حال إذكارك بنعمة ربك بكاهن ولا محنون وقيل الباء سببية متعلقة بمضمون الجملة المنفية والمعنى : انتفى عنك الكهانة والجنون بسبب نعمة الله عليك كما تقول ما أنا بمعسر بحمد الله وقيل الباء للقسم متوسطة بين اسم ما وخبرها والتقدير : ما أنت ونعمة الله بكاهن ولا مجنون والكاهن هو الذي يوهم أنه يعلم الغيب من دون وحي : أي ليس ما تقوله كهانو فإنك إنما تنطق بالوحي الذي أمرك الله بإبلاغع والمقصود من الآية رد ما كان يقوله المشركون : إنه كاهن أو مجنون