٣٠ - ﴿ أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون ﴾ أم هي المنقطعة وقد تقدم الخلاف هل هي مقدرة ببل والهمزة أو ببل وحدها قال الخليل : هي هنا للاستفهام قال سيبويه : خوطب العباد بما جرى في كلامهم قال النحاس : يريد سيبويه أن أم في كلام العرب للخروج من حديث إلى حديث ونتربص في محل رفع صفة لشاعر وريب المنون : صرف الدهر والمعنى : ننتظر به حوادث الأيام فيموت كما مات غيره أو يهلك كما هلك من قبله والمنون يكون بمعنى الدهر ويكون بمعنى المنية قال الأخفش : المعنى نتربص إلى ريب المنون فحذف حرف الجر كما تقول : قصدت زيدا وقصدت إلى زيد ومن هذا قول الشاعر :
( تربص بها ريب المنون لعلها | تطلق يوما أو يموت خليلها ) |
( أمن المنون وريبها تتوجع | والدهر ليس بمعتب من يجزع ) |
ثم أمره سبحانه أن يجيب عنهم فقال : ٣١ - ﴿ قل تربصوا فإني معكم من المتربصين ﴾ أي انتظروا موتي أو هلاكي فإني معكم من المتربصين لموتكم أو هلاككم قرأ الجمهور نتربص بإسناد الفعل إلى جماعة المتكلمين قرأ زيد بن علي على البناء للمفعول
٣٢ - ﴿ أم تأمرهم أحلامهم بهذا ﴾ أي بل أتأمرهم عقولهم بهذا الكلام المتناقض أن الكاهن هو المفرط في الفطنة والذكاء والمجنون : هو ذاهب العقل فضلا عن أن يكون له فطنة وذكاء قال الواحدي : قال المفسرون كانت عظماء قريش توصف بالأحلام والعقول فأزرأ الله بحلومهم حين لم تثمر لهم معرفة الحق من الباطل ﴿ أم هم قوم طاغون ﴾ أي بل أطغوا وجاوزوا الحد في العناد فقالوا ما قالوا وهذه الإضرابات من شيء إلى شيء مع الاستفهام كما هو مدلول أم المنقطعة تدل على أن ما تعقبها أشنع مما تقدمها وأكثر جرأة وعنادا