٤٩ - ﴿ وأنه هو رب الشعرى ﴾ هي كوكب خلف الجوزاء كانت خزاعة تعبدها والمراد بها الشعرى التي يقال لها العبور وهي أشد ضياء من الشعرى التي يقال لها الغميصاء وإنما ذكر سبحانه أنه رب الشعرى مع كونه ربا لكل الأشياء للرد على من كان يعبدها وأول من عبدها أبو كبشة وكان من أشراف العرب وكانت قريش تقول لرسول الله صلى الله عليه و سلم ابن أبي كبشة تشبيها له به لمخالفته دينهم كما خالفهم أبو كبشة ومن ذلك قول أبي سفيان يوم الفتح : لقد أمر أمر ابن أبي كبشة
٥٠ - ﴿ وأنه أهلك عادا الأولى ﴾ وصف عادا بالأولى لكونهم كانوا من قبل ثمود قال ابن زيد : قيل لها عادا الأولى لأنهم أول أمة أهلكت بعد نوح وقال ابن إسحاق هما عادان فالأولى أهلكت بالصرصر والأخرى أهلكت بالصيحة وقيل عاد الأولى قوم هود وعاد الأخرى إرم قرأ الجمهور ﴿ عادا الأولى ﴾ بالتنوين والهمز وقرأ نافع وابن كثير وابن محيصن بنقل حركة الهمزة على اللام وإدغام التنوين فيها
٥١ - ﴿ وثمود فما أبقى ﴾ أي وأهلك ثمودا كما أهلك عادا فما أبقى أحدا من الفريقين وثمود هم قوم نوح من قبل إهلاك عاد وثمود
٥٢ - ﴿ إنهم كانوا هم أظلم وأطغى ﴾ أي أظلم من عاد وثمود وأطغى منهم أو أظلم وأطغى من جميع الفرق الكفرية أو أظلم وأطغى من مشركي العرب وإنما كانوا كذلك لأنهم عتوا على الله بالمعاصي مع طول مدة دعوة نوح لهم كما في قوله :﴿ فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما ﴾
٥٣ - ﴿ والمؤتفكة أهوى ﴾ الائتفاك الانقلاب : والمؤتفكة مدائن قوم لوط وسميت المؤتكفة لأنها انقلبت بهم وصار عاليها سافلها تقول أفكته إذا قلبته ومعنى أهوى أسقط : أي أهواها جبريل بعد أن رفعها قال المبرد : جعلها تهوي
٥٤ - ﴿ فغشاها ما غشى ﴾ أي ألبسها ما ألبسهم من الحجارة التي وقعت عليها كما في قوله :﴿ فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل ﴾ وفي هذه العبارة تهويل للأمر الذي غشاها به وتعظيم له وقيل إن الضمير راجع إلى جميع الأمم المذكورة : أي فغشاها من العذاب ما غشى على اختلاف أنواعه
٥٥ - ﴿ فبأي آلاء ربك تتمارى ﴾ هذا خطاب للإنسان المكذب : أي فبأي نعم ربك أيها الإنسان المكذب تشكك وتتمري وقيل الخطاب لرسول الله صلى الله عليه و سلم تعريضا لغيره وقيل لكل من يصلح له وإسناد فعل التماري إلى الواحد باعتبار تعدده بحسب تعدد متعلقه وسمى هذه الأمور المذكورة آلاء : أي نعما مع كون بعضها نقما لا نعما لأنها مشتملة على العبر والمواعظ ولكون فيها انتقام من العصاة وفي ذلك نصرة للأنبياء والصالحين قرأ الجمهور تتمارى من غير إدغام وقرأ يعقوب وابن محيصن بإدغام إحدى التاءين في الأخرى