وارتفاع ٥ - ﴿ حكمة بالغة ﴾ على أنها خبر مبتدأ محذوف أو بدل من ما بدل كل من كل أو بدل اشتمال والمعنى : أن القرآن حكمة قد بلغت الغاية ليس فيها نقص ولا خلل وقرئ بالنصب على أنها حال من ما : أي حال كون ما فيه مزدجر حكمة بالغة ﴿ فما تغن النذر ﴾ ما يجوز أن تكون استفهامية وأن تكون نافية : أي أي شيء تغني النذر أو لم تغن النذر شيئا والفاء لترتيب عدم الإناء على مجيء الحكمة البالغة والنذر جمع نذير بمعنى المنذر أو بمعنى الإنذار على أنه مصدر
ثم أمره سبحانه بالإعراض عنهم فقال : ٦ - ﴿ فتول عنهم ﴾ أي أعرض عنهم حيث لم يؤثر فيهم الإنذار وهي منسوخة لآية السيف ﴿ يوم يدع الداع إلى شيء نكر ﴾ انتصب الظرف إما بفعل مقدر : أي اذكر وإما يبخرجون المذكور بعده وإما بقوله :﴿ فما تغن ﴾ ويكون قوله :﴿ فتول عنهم ﴾ اعتراض أو بقوله :﴿ يقول الكافرون ﴾
أو بقوله : ٧ - ﴿ خشعا ﴾ وسقطت الواو من يدع اتباعا للفظ وقد وقعت في الرسم هكذا وحذفت الياء من الداع للتخفيف واكتفاء بالكسرة والداع هو إسرافيل والشيء النكر : الأمر الفظيع الذي ينكرونه استعظاما له لعدم تقدم العهد لهم بمثله قرأ الجمهور بضم الكاف وقرأ ابن كثير بسكونها تخفيفا وقرأ مجاهد وقتادة بكسر الكاف وفتح الراء على صيغة الفعل المجهول ﴿ خشعا أبصارهم ﴾ قرأ الجمهور ﴿ خشعا ﴾ جمع خاشع وقرأ حمزة والكسائي وأبو عمرو ﴿ خاشعا ﴾ على الإفراد ومنه قول الشاعر :

( وشباب حسن أوجههم من إياد بن نزار بن معد )
وقرأ ابن مسعود خاشعة قال الفراء : الصفة إذا تقدمت على الجماعة جاز فيها التذكير والتأنيث والجمع : يعني جمع التكسير لا جمع السلامة لأنه يكون من الجمع بين فاعلين ومثل قراءة الجمهور قول امرئ القيس :
( وقوفا بها صحبي علي مطيهم يقولون لا تهلك أسى وتجلد )
وانتصاب خشعا على الحال من فاعل يخرجون أو من الضمير في عنهم والخشوع في البصر الخضوع والذلة وأضاف الخضوع والذلة وأضاف الخشوع إلى الأبصار لأن العز والذل يتبين فيها ﴿ يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر ﴾ أي يخرجون من القبور وواحد الأجداث جدث وهو القبر كأنهم لكثرتهم واختلاط بعضهم ببعض جراد منتشر : أي منبث في الأقطار مختلط بعضه ببعض


الصفحة التالية
Icon