ثم أجاب سبحانه عليهم بقوله : ٢٦ - ﴿ سيعلمون غدا من الكذاب الأشر ﴾ والمراد بقوله غدا وقت نزول العذاب بهم في الدنيا أو في يوم القيامة جريا على عادة الناس في التعبير بالغد عن المستقبل من الأمر وإن بعد كما في قولهم : إن مع اليوم غدا وكما في قول الحطيئة :

( للموت فيها سهام غير مخطئة من لم يكن ميتا في اليوم مات غدا )
ومنه قول أبي الطماح :
( ألا عللاني قبل نوح النوائح وقيل اضطراب النفس بين الجوانح )
( وقبل غد يا لهف نفسي على غد إذا راح أصحابي ولست برائح )
قرأ الجمهور ﴿ سيعلمون ﴾ بالتحتية إخبار من الله سبحانه لصالح عن وقوع العذاب عليهم بعد مدة وقرأ أبو عمرو وابن عامر وحمزة بالفوقية على أنه خطاب من صالح لقومه
وجملة ٢٧ - ﴿ إنا مرسلو الناقة ﴾ مستأنفة لبيان ما تقدم إجماله من الوعيد : أي إنا مخرجوها من الصخرة على حسب ما اقترحوه ﴿ فتنة لهم ﴾ أي ابتلاء وامتحانا وانتصاب فتنة على العلة ﴿ فارتقبهم ﴾ أي انتظر ما يصنعون ﴿ واصطبر ﴾ على ما يصيبك من الأذى منهم
٢٨ - ﴿ ونبئهم أن الماء قسمة بينهم ﴾ أي بين ثمود وبين الناقة لها يوم ولهم يوم كما في قوله :﴿ لها شرب ولكم شرب يوم معلوم ﴾ وقال : نبئهم بضمير العقلاء تغليبا ﴿ كل شرب محتضر ﴾ الشرب بكسر الشين الخظ من الماء ومعنى محتضر : أنه يحضره من هو له فالناقة تحضره يوما وهم يحضرونه يوما قال مجاهد : إن ثمود يحضرون الماء يوم نوبتهم فيشربون ويحضرون يوم نوبتها فيحتلبون قرأ الجمهور ﴿ قسمة ﴾ بكسر القاف بمعنى مقسوم وقرأ أبو عمرو في رواية عنه بفتحها
٢٩ - ﴿ فنادوا صاحبهم ﴾ أي نادى ثمود صاحبهم وهو قدار بن سالف عاقر الناقة يحضونه على عقرهم ﴿ فتعاطى فعقر ﴾ أي تناول الناقة بالعقر فعقرها أو اجترأ على تعاطي أسباب العقر فعقر قال محمد بن إسحاق : كمن لها في أصل شجرة على طريقها فرماها بسهم فانتظم به عضلة ساقها ثم شد عليها بالسيف فكسر عرقوبها ثم نحرها والتعاطي : تناول الشيء بتكلف


الصفحة التالية
Icon