٤١ - ﴿ النذر ﴾ يجوز أن يكون جمع نذير ويجوز أن يكون مصدر بمعنى الإنذار كما تقدم وهي الآيات التي أنذرهم بها موسى
وهذا أولى لقوله : ٤٢ - ﴿ كذبوا بآياتنا كلها ﴾ فإنه بيان لذلك والمراد بها الآيات التسع التي تقدم ذكرها ﴿ فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر ﴾ أي أخناهم بالعذاب أخذ غالب في انتقامه قادر على إهلاكهم لا يعجزه شيء
ثم خوف سبحانه كفار مكة فقال : ٤٣ - ﴿ أكفاركم خير من أولئكم ﴾ والاستفهام للإنكار والمعنى النفي : أي ليس كفاركم يا أهل مكة أو يا معشر العرب خير من كفار مكة من تقدمكم من الأمم الذين أهلكوا بسبب كفرهم فكيف تطمعون في السلامة من العذاب وأنتم شر منهم ثم أضرب سبحانه عن ذلك وانتقل إلى تبكيتهم بوجه آخر هو أشد من التبكيت بالوجه الأول فقال :﴿ أم لكم براءة في الزبر ﴾ والزبر هي الكتب المنزلة على الأنبياء والمعنى : إنكار أن تكون لهم براءة من عذاب الله في شيء من كتب الأنبياء
ثم أضرب عن هذا التبكيت وانتقل إلى التبكيت لهم بوجه آخر فقال : ٤٤ - ﴿ أم يقولون نحن جميع منتصر ﴾ أي جماعة لا تطاق لكثرة عددنا وقوتنا أو أمرنا مجتمع لا نغلب وأفرد نتصرا اعتبارا بلفظ جميع قال الكلبي : المعنى نحن جميع أمرنا ننتصر من أعدائنا
فرد الله سبحانه عليهم بقوله : ٤٥ - ﴿ سيهزم الجمع ﴾ أي جمع كفار مكة أو كفار العرب على العموم قرأ الجمهور ﴿ سيهزم ﴾ بالتحتية مبنيا للمفعول وقرأ ورش عن يعقوب ﴿ سيهزم ﴾ بالنون وكسر الزاي ونصب الجمع وقرأ أبو حيوة وابن أبي عبلة بالتحتية مبنيا للفاعل وقرئ بالفوقية مبنيا للفاعل ﴿ ويولون الدبر ﴾ قرأ الجمهور ﴿ يولون ﴾ بالتحتية وقرأ عيسى وابن أبي إسحاق وورش عن يعقوب بالفوقية على الخطاب والمراد بالدبر الجنس وهو في معنى الإدبار وقد هزمهم الله يوم بدر وولوا الأدبار وقتل رؤساء الشرك وأساطير الكفر فلله الحمد
٤٩ - ﴿ إنا كل شيء خلقناه بقدر ﴾ قرأ الجمهور بنصب كل على الاشتغال وقرأ أبو السماك بالرفع والمعنى : أن كل شيء من الأشياء خلقه الله سبحانه ملتبسا بقدر قدره وقضاء قضاه سبق في علنه مكتوب في اللوح المحفوظ قبل وقوعه والقدر التقدير وقد قدمنا الكلام على تفسير هذه الآية مستوفى


الصفحة التالية
Icon