٢ - ﴿ تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ﴾ قد تقدم الكلام على هذا في سورة غافر وما بعدها مستوفى وذكرنا وجه الإعراب وبيان ما هو الحق من أن فواتح السور من المتشابه الذي يجب أن يوكل علمه إلى من أنزله
٢ - ﴿ ما خلقنا السموات والأرض وما بينهما ﴾ من المخلوقات بأسرها ﴿ إلا بالحق ﴾ هو استثناء مفرغ من أعلم الأحوال أي إلا خلقا ملتبسا بالحق الذي تقتضيه المشيئة الإلهية وقوله :﴿ وأجل مسمى ﴾ معطوف على الحق : أي إلا بالحق وبأجل مسمى على تقدير مضاف محذوف : أي وبتقدير أجل مسمى وهذا الأجل هو يوم القيامة فإنها تنتهي فيه السموات والأرض وما بينهما وتبدل الأرض غير الأرض والسموات وقيل المراد بالأجل المسمى هو انتهاء أجل كل فرد من أفراد المخلوقات والأول لغير شيء بل خلقه للثواب والعقاب ﴿ والذين كفروا عما أنذروا معرضون ﴾ أي عما أنذروا وخوفوا به في القرآن من البعث والحساب والجزاء معرضون عنه غير مؤمنين به وما في قوله :﴿ ما أنذروا ﴾ يجوز أن تكون الموصولة ويجوز أن تكون المصدرية
٣ - ﴿ قل أرأيتم ما تدعون من دون الله ﴾ أي أخبروني ما تعبدون من دون الله من الأصنام ﴿ أروني ماذا خلقوا من الأرض ﴾ أي أي شيء خلقوا منها وقوله :﴿ أروني ﴾ يحتمل أن يكون تأكيدا لقوله أرأيتم : أي أخبروني أروني والمفعول الثاني لأرأيتم ﴿ ماذا خلقوا ﴾ ويحتمل أن لا يكون تأكيدا بل يكون هذا من باب التنازع لأن أرأيتم يطلب مفعولا ثانيا و ﴿ أروني ﴾ كذلك ﴿ أم لهم شرك في السموات ﴾ أم هذه هي المنقطعة المقدرة ببل والهمزة والمعنى : بل ألهم شركة مع الله فيها والاستفهام للتوبيخ والتقريع ﴿ ائتوني بكتاب من قبل هذا ﴾ هذا تبكيت لهم وإظهار لعجزهم وقصورهم عن الإتيان بذلك والإشارة بقوله هذا إلى القرآن فإنه قد صرح ببطلان الشرك وأن الله واحد لا شريك له وأن الساعة حق لا ريب فيها فهل للمشركين من كتاب يخالف هذا الكتاب أو حجة تنافي هذه الحجة ﴿ أو أثارة من علم ﴾ قال في الصحاح : أو أثارة من علم بقية منه وكذا الأثرة بالتحريك قال ابن قتيبة : أي بقية من علم الأولين وقال الفراء والمبرد : يعني ما يؤثر عن كتب الأولين قال الواحدي : وهو معنى قول المفسرين قال عطاء : أو شيء تأثرونه عن نبي كان قبل محمد صلى الله عليه و سلم قال مقاتل : أو رواية من علم عن الأنبياء وقال الزجاج أو أثارة : يقال أثرت الحديث آثره أثرة وأثارة وأثرا : إذا ذكرته عن غيرك قرأ الجمهور ﴿ أثارة ﴾ على المصدر كالسماحة والغواية وقرأ ابن عباس وزيد بن علي وعكرمة والسلمي والحسن وأبو رجاء بفتح الهمزة والثاء من غير ألف وقرأ الكسائي ﴿ أثارة ﴾ بضم الهمزة وسكون الثاء ﴿ إن كنتم صادقين ﴾ في دعواكم التي تدعونها وهي قولكم إن لله شريكا ولم تأتوا بشيء من ذلك فتبين بطلان قولهم لقيام البرهان العقلي والنقلي على خلافه


الصفحة التالية
Icon