ثم ذكر سبحانه أحوال الناس واختلافهم فقال : ٧ - ﴿ وكنتم أزواجا ثلاثة ﴾ والخطاب لجميع الناس أو للأمة الحاضرة والأزواج الأصناف والمعنى : وكنتم في ذلك اليوم أصنافا ثلاثة
ثم فسر سبحانه هذه الأصناف فقال : ٨ - ﴿ فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة ﴾ أي أصحاب اليمين وهم الذين يأخذون كتبهم بأيمانهم أو الذين يؤخذ بهم ذات اليمين إلى الجنة أصحاب الميمنة مبتدأ وخبره : ما أصحاب الميمن : أي أي شيء هم في حالهم وصفتهم والاستفهام للتعظيم والتفخيم وتكرير المبتدأ هنا بلغظه مغن عن الضمير الرابط كما في قوله :﴿ الحاقة * ما الحاقة ﴾ ﴿ القارعة * ما القارعة ﴾ ولا يجوز مثل هذا إلا في مواضع التفخيم والتعظيم
٩ - ﴿ و ﴾ الكلام في ﴿ أصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة ﴾ كالكلام في أصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة والمراد الذي يؤخذ بهم ذات الشمال إلى النار أو يأخذون صحائف أعمالهم بشمالهم والمراد تعجيب السامع من حال الفريقين في الفخامة والفظاعة كأنه قيل : فأصحاب الميمنة في نهاية السعادة وحسن الحال وأصحاب المشأمة في نهاية الشقاوة وسوء الحال وقال السدي : أصحاب الميمنة هم الذين كانوا عن يمين آدم حين أخرجت الذرية من صلبة وأصحاب المشأمة هم الذين كانوا عن شماله وقال زيد بن أسلم : أصحاب الميمنة هم الذين آخذوا من شق آدم الأيمن وأصحاب المشأمة هم الذين أخذوا من شقه الأيسر وقال ابن جريح : أصحاب الميمنة هم أهل الحسنات وأصحاب المشأمة هم أهل السيئات وقال الحسن والربيع : أصحاب الميمنة هم الميامين على أنفسهم بالأعمال الصالحة وأصحاب المشأمة هم المشائيم على أنفسهم بالأعمال القبيحة وقال المبرد : أصحاب الميمنة أصحاب التقدم وأصحاب المشأمة أصحاب التأخر والعرب تقول : اجعلني في يمينك ولا تجعلني في شمالك : أي اجعلني من المتقدمين ولا تجعلني من المتأخرين ومنه قول ابن الدمينة :
( أبنيتي أفي يمنى يديك جعلتني | فأفرح أم صيرتني في شمالك ) |