١١ - ﴿ أولئك المقربون ﴾
قيل ووجه تأخير هذا الصنف الثالث مع كونه أشرف من الصنفين الأولين هو أن يقترن به ما بعده وهو قوله : ١٢ - ﴿ أولئك المقربون * في جنات النعيم ﴾ فالإشارة هي إليهم : أي المقربون إلى جزيل ثواب الله وعظيم كرامته أو الذين قربت درجاتهم وأعليت مراتبهم عند الله وقوله في جنات النعيم متعلق بالمقربون : أي مقربون عند الله في جنات النعيم ويجوز أن يكون خبرا ثانيا لأولئك وأن يكون حالا من الضمير في المقربون : أي كائنين فيها قرأ الجمهور ﴿ في جنات ﴾ بالجمع وقرأ طلحة بن مصرف في جنة بالإفراد وإضافة الجنات إلى النعيم من إضافة المكان إلى ما يكون فيه كما يقال : دار الضيافة ودار الدعوة ودار العدل
وارتفاع ١٣ - ﴿ ثلة من الأولين ﴾ على أنه خبر مبتدأ محذوف : أي هم ثلة والثلة الجماعة التي لا يحصر عددها قال الزجاج : معنى ثلة معنى فرقة من ثللت الشيء : إذا قطعته والمراد بالأولين هم الأمم السابقة من لدن آدم إلى نبينا صلى الله عليه و سلم
١٤ - ﴿ وقليل من الآخرين ﴾ أي من هذه الأمة وسموا قليلا بالنسبة إلى من كان قبلهم وهم كثيرون لكثرة الأنبياء فيهم وكثرة من أجابهم قال الحسن : سابقو من مضى أكثر من سابقينا قال الزجاج : الذين عاينوا جميع الأنبياء وصدقوا بهم أكثر ممن عاين النبي صلى الله عليه و سلم ولا يخالف هذا ما ثبت في الصحيح من قوله صلى الله عليه و سلم [ إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة ثم قال : ثلث أهل الجنة ثم قال : نصف أهل الجنة ] لأن قوله ﴿ ثلة من الأولين * وقليل من الآخرين ﴾ إنما هو تفضيل للسابقين فقط كما سيأتي في ذكر أصحاب اليميمن أنهم ثلة من الأولين وثلة من الآخرين فلا يمتنع أن يكون في أصحاب اليمين من هذه الأمة من هو أكثر من أصحاب اليمين من غيرهم فيجتمع من قليل سابقي هذه الأمة ومن ثلة أصحاب اليمين منها من يكون نصف أهل الجنة والمقابلة بين الثلتين في أصحاب اليمين لا تستلزم استواءهما لجواز أن يقال : هذه الثلة أكثر من هذه الثلة كما يقال : هذه الجماعة أكثر من هذه الجماعة وهذه الفرقة أكثر من هذه الفرقة وهذه القطعة أكثر من هذه القطعة وبهذا تعرف أنه لم يصب من قال إن هذه الآية منسوخة بالحديث المذكور
ثم ذكر سبحانه حالة أخرى للسابقين المقربين فقال : ١٥ - ﴿ على سرر موضونة ﴾ قرأ الجمهور ﴿ سرر ﴾ بضم السين والراء الأولى وقرأ أبو السماك وزيد بن علي بفتح الراء وهي لغة كما تقدم والموضوعة المنسوجة والوضن : النسج المضاعف قال الواحدي : قال المفسرون : منسوجة بقضبان الذهب وقيل مشبكة بالدر والياقوت والزبرجد وقيل إن الموضونة المصفوفة وقال مجاهد : الموضونة المرمولة بالذهب
وانتصاب ١٦ - ﴿ متكئين عليها ﴾ على الحال وكذا انتصاب ﴿ متقابلين ﴾ والمعنى : مستقرين على سرر متكئين عليها متقابلين لا ينظر بعضهم قفا بعض


الصفحة التالية
Icon