ثم وصف هذا الظل بقوله : ٤٤ - ﴿ لا بارد ولا كريم ﴾ أي ليس كغيره من الظلال التي تكون باردة بل هو حار لأنه من دخان نار جهنم قال سعيد بن المسيب : ولا كريم : أي ليس فيه حسن منظر وكل ما لا خير فيه ليس بكريم قال الضحاك : ولا كريم ولا عذاب قال الفراء : العرب تجعل الكريم تابعا لكل شيء نفت عنه وصفا تنوي به الذم تقول : ما هو بسمين ولا بكريم وما هذه الدار بواسعة ولا كريمة
ثم ذكر سبحانه أعمالهم التي استحقوا بها العذاب فقال : ٤٥ - ﴿ إنهم كانوا قبل ذلك مترفين ﴾ وهذه الجملة تعليل لما قبلها : أي إنهم كانوا قبل هذا العذاب النازل بهم مترفين في الدنيا : أي منعمين بما لا يحل لهم والمترف المتنعم وقال السدي : مشركين وقيل متكبرين والأول أولى
٤٦ - ﴿ وكانوا يصرون على الحنث العظيم ﴾ الحنث الذنب : أي يصرون على الذنب العظيم قال الواحدي : قال أهل التفسير : عني به الشرك : أي كانوا لا يتوبون عن الشرك وبه قال الحسن والضحاك وابن زيد وقال قتادة ومجاهد : هو الذنب العظيم الذي لا يتوبون عنه وقال الشعبي : هو اليمين المغموس
٤٧ - ﴿ وكانوا يقولون أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون ﴾ الهمزة في الموضعين للإنكار والاستبعاد وقد تقدم الكلام على هذا في الصافات وفي سورة الرعد والمعنى : أنهم أنكروا واستبعدوا أن يبعثوا بعد الموت وقد صاروا عظاما وترابا والمراد أنه صار لحمهم وجلودهم ترابا وصارت عظامهم نخرة بالية والعامل في الظرف ما يدل عليه مبعوثون لأن ما بعد الاستفهام لا يعمل فيما قبله : أي انبعث إذا متنا ؟ الخ
٤٨ - ﴿ أو آباؤنا الأولون ﴾ معطوف على الضمير في المبعوثون لوقوع الفصل بينهما بالهمزة والمعنى : أن بعث آبائهم الأولين أبعد لتقدم موتهم وقرئ وآباؤنا
ثم أمر الله سبحانه رسوله أن يجيب عليهم ويرد استبعادهم فقال : ٤٩ - ﴿ قل إن الأولين والآخرين * لمجموعون ﴾ أي قل لهم يا محمد إن الأولين من الأمم والآخرين منهم الذي أنتم من جملتهم لمجموعون بعد البعث
٥٠ - ﴿ إلى ميقات يوم معلوم ﴾ وهو يوم القيامة
٥١ - ﴿ ثم إنكم أيها الضالون المكذبون ﴾ هذا وما بعده من جملة ما هو داخل تحت القول وهو معطوف على إن الأولين ووصفهم سبحانه بوصفين قبيحين وهما الضلال عن الحق والتكذيب له
٥٢ - ﴿ لآكلون من شجر من زقوم ﴾ أي لآكلون في الآخرة من شجر كريه المنظر كريه الطعم وقد تقدم تفسيره في سورة الصافات ومن الأولى لابتداء الغاية والثانية بيانية ويجوز أن تكون الأولى مزيدة والثانية بيانية وأن تكون الثانية مزيدة والأولى للابتداء


الصفحة التالية
Icon