قوله : ٥٧ - ﴿ نحن خلقناكم فلولا تصدقون ﴾ التفت سبحانه إلى خطاب الكفرة تبكيتا لهم وإلزاما للحجة : أي فهلا تصدقون بالبعث أو بالخلق قال مقاتل : خلقناكم ولم تكونوا شيئا وأنتم تعلمون ذلك فهلا تصدقون بالبعث ؟
٥٨ - ﴿ أفرأيتم ما تمنون ﴾ أي ما تقذفون وتصبون في أرحام النساء من النطف ومعنى أفرأيتم : أخبروني
ومفعولها الأول ما تمنون والثاني الجملة الاستفهامية وهي ٥٩ - ﴿ أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون ﴾ أي تقدرونه وتصورونه بشرا أم نحن المقدرون المصورون له وأم هي المتصلة وقيل هي المنقطعة والأول أولى قرأ الجمهور ﴿ تمنون ﴾ بضم الفوقية من أمنى يمني وهما لغتان وقيل معناهما مختلف يقال أمني إذا أنزل عن جماع ومعنى إذا أنزل عن احتلام وسمي المني منيا لأنه يمني : أي يراق
٦٠ - ﴿ نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين ﴾ قرأ الجمهور ﴿ قدرنا ﴾ بالتشديد وقرأ مجاهد وحميد وابن محيصن وابن كثير بالتخفيف وهما لغتان يقال قدرت الشيء وقدرته : أي قسمناه عليكم ووقتناه لكل فرد من أفرادكم وقيل قضينا وقيل كتبنا والمعنى متقارب قال مقاتل : فمنكم من يموت كبيرا ومنكم من يموت صغيرا وقال الضحاك : معناه أنه جعل أهل السماء وأهل الأرض فيه سواء ﴿ وما نحن بمسبوقين ﴾ بمغلوبين بل قادرين
٦١ - ﴿ على أن نبدل أمثالكم ﴾ أي نأتي بخلق مثلكم قال الزجاج : إن أردنا أن نخلق خلقا غيركم لم يسبقنا سابقا ولا يفوتنا قال ابن جرير : المعنى نحن قدرنا بينكم الموت على أن نبدل أمثالكم بعد موتكم بآخرين من جنسكم وما نحن بمسبوقين في آجالكم : أي لا يتقدم متأخر ولا يتأخر متقدم ﴿ وننشئكم في ما لا تعلمون ﴾ من الصور والهيئات قال الحسن أي نجعلكم قردة وخنازير كما فعلنا بأقوام قبلكم وقيل المعنى : ننشئكم في البعث على غير صوركم في الدنيا وقال سعيد بن المسيب : فيما لا تعلمون : يعني في حواصل طيور سود تكون ببرهوت كأنها الخطاطيف وبرهوت واد باليمن وقال مجاهد ﴿ في ما لا تعلمون ﴾ يعني في أي خلق شئنا ومن كان قادرا على هذا فهو قادر على البعث