٦٢ - ﴿ ولقد علمتم النشأة الأولى ﴾ وهي ابتداء الخلق من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة ولم تكونوا قبل ذلك شيئا وقال قتادة والضحاك : يعني خلق آدم من تراب ﴿ فلولا تذكرون ﴾ أي فهلا تذكرون قدرة الله سبحانه على النشأة الأخيرة وتقيسونها على النشأة الأولى وقرأ الجمهور ﴿ النشأة ﴾ بالقصر وقرأ مجاهد والحسن وابن كثير وأبو عمرو بالمد وقد مضى تفسير هذا في سورة العنكبوت
٦٣ - ﴿ أفرأيتم ما تحرثون ﴾ أي خبروني ما تحرثون من أرضكم فتطرحون فيه البذر
٦٤ - ﴿ أأنتم تزرعونه ﴾ أي تنبتونه وتجعلونه زرعا فيكون فيه السنبل الحب ﴿ أم نحن الزارعون ﴾ أي المنبتون له الجاعلون له زرعا لا أنتم قال المبرد : يقال زرعه الله : أي أنماه فإذا أقررتم بهذا فكيف تنكرون البعث
٦٥ - ﴿ لو نشاء لجعلناه حطاما ﴾ أي لو نشاء لجعنا ما تحرثون حطاما : أي متحطما متكسرا والحطام : الهشم الذي لا ينتفع به ولا يحصل منه حب ولا شيء مما يطلب من الحرث ﴿ فظلتم تفكهون ﴾ أي صرتم تعجبون قال الفراء : تفكهون تتعجبون فيما نزل بكم في زرعكم قال في الصحاح : وتفكه تعجب يقال تندم قال الحسن وقتادة وغيرهما : معنى الآية : تعجبون من ذهابها وتندمون مما حل بكم وقال عكرمة : تلاومون وتندمون على ما سلف منكم من معصية الله وقال أبو عمرو والكسائي : هو التلهف على ما فات قرأ الجمهور ﴿ فظلتم ﴾ بفتح الظاء مع لام واحدة وقرأ أبو حيوة وأبو بكر في رواية عنه بكسر الظاء وقرأ ابن عباس والجحدري فظلتم بلامين : أولاهما مكسورة على الأصل وروي عن الجحدري فتحها وهي لغة وقرأ الجمهور تفكهون وقرأ أبو حزام العكلي تفكنون بالنون مكان الهاء : أي تندمون قال ابن خالويه : تفكه تعجب وتفكن تندم وفي الصحاح التفكن التندم
٦٦ - ﴿ إنا لمغرمون ﴾ قرأ الجمهور بهمزة واحدة على الخبر وقرأ أبو بكر والمفضل وزر بن حبيش بهمزتين على الاستفهام والجنلة بتقدير القول : أي تقولون إنا لمغرمون : أي ملزمون غرما بما هلك من زرعنا والمغرم الذي ذهب ماله بغير عوض قاله الضحاك وابن كيسان وقيل [ معناه ] إنا لمعذبون قاله قتادة وغيره وقال مجاهد وعكرمة : لمولع بنا ومنه قول النمر بن تولب :
( سلا عن تذكره تكتما | وكان رهينا بها مغرما ) |
يقال أغرم فلان بفلان : أي أولع وقال مقاتل : مهلكون قال النحاس : مأخوذ من الغرام وهو الهلاك ومنه قول الشاعر :
( ويوم النسار ويوم الجبا | ر كان عليكم عذابا مقيما ) |
والظاهر من السياق المعنى الأول : أي إنا لمغرمون بذهاب ما حرثناه ومصيره حطاما