ثم ذكر سبحانه المقسم عليه فقال : ٧٧ - ﴿ إنه لقرآن كريم ﴾ أي كرمه الله وأعزه ورفع قدره على جكميع الكتب وكرمه عن أن يكون سحرا أو كهانة أو كذبا وقيل إنه كريم لما فيه من كرم الأخلاق ومعالي الأمور وقيل لأنه يكرم حافظه ويعظم قارئه وحكى الواحدي عن أهل المعاني أن وصف القرآن بالكريم لأن من شأنه أن يعطي الخير الكثير بالدلائل التي تؤدي إلى الحق في الدين قال الأزهري : الكريم اسم جامع لما يحمد والقرآن كريم يحمد لما فيه من الهدى والبيان والعلم والحكمة
٧٨ - ﴿ في كتاب مكنون ﴾ أي مستور مصون وقيل محفوظ عن الباطل وهو اللوح المحفوظ قاله جماعة وقيل هو كتاب وقال عكرمة : هو التوراة والإنجيل فيهما ذكر القرآن ومن ينزل عليه وقال السدي : هو الزبور وقال مجاهد وقتادة : هو المصحف الذي في أيدينا
٧٩ - ﴿ لا يمسه إلا المطهرون ﴾ قال الواحدي : أكثر المفسرين على أن الضمير عائد إلى الكتاب المكنون : أي لا يمس الكتاب المكنون إلا المطهرون وهم الملائكة وقيل هم الملائكة والرسل من بني آدم ومعنى لا يمسه المس الحقيقي وقيل معناه : لا ينزل به إلا المطهرون وقيل معناه : لا يقرأه وعلى كون المراد بالكتاب المكنون هو القرآن فقيل ﴿ لا يمسه إلا المطهرون ﴾ من الأحداث والأنجاس كذا قال قتادة وغيره : وقال الكلبي المطهرون من الشرك وقال الربيع بن أنس : المطهرون من الذنوب والخطايا وقال محمد بن الفضل وغيره : معنى لا يمسه : أي المؤمنون وقال الحسين بن الفضل : لا يعرف تفسيره وتأويله إلا من طهره الله من الشرك والنفاق وقد ذهب الجمهور إلى منع المحدث من مس المصحف وبه قال علي وابن مسعود وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وعطاء والزهري والنخعي والحكم وحماد وجماعة من الفقهاء منهم مالك والشافعي وروي عن ابن عباس والشعبي وجماعة منهم أبو حنيفة أنه يجوز للمحدث مسه وقد أوضحنا ما هو الحق في هذا في شرحنا للمنتقى فليرجع إليه قرأ الجمهور ﴿ المطهرون ﴾ بتخفيف الطاء وتشديد الهاء مفتوحة اسم مفعول وقرأ سلمان الفارسي بكسر الهاء على أنه اسم فاعل : أي المطهرون أنفسهم وقرأ نافع بن عمرو في رواية عنهما عيسى بن عمر بسكون الطاء وفتح الهاء خفيفة اسم مفعول من أطهر وقرأ الحسن وزيد بن علي وعبد الله بن عوف بتشديد الطاء وكسر الهاء وأصله المتطهرون