قوله : ٥ - ﴿ إن الذين يحادون الله ورسوله ﴾ لما ذكر سبحانه المؤمنين الواقفين عند حدوده ذكر المحادين والمحادة المشاقة والمعاداة والمخالفة ومثله قوله :﴿ إن الذين يحادون الله ورسوله ﴾ قال الزجاج : المحادة أن تكون في حد يخالف صاحبك وأصلها الممانعة ومنه الحديد ومنه الحداد للبواب ﴿ كبتوا كما كبت الذين من قبلهم ﴾ أي أذلوا وأخزوا يقال : كبت الله فلانا إذا أذله والمردود بالذل يقال له مكبوت قال المقاتلان : أخزوا كما أخرى الذين من قبلهم من أهل الشرك وكذا قال قتادة وقال أبو عبيدة والأخفش : أهلكوا وقال ابن زيد : عذبوا وقال السدي : لعنوا وقال الفراء : أغيظوا والمراد بمن قبلهم : كفار الأمم الماضية المعادين لرسل الله وعبر عن المستقبل بلفظ الماضي تنبيها على تحقق وقوعه وقيل المعنى : على المضي وذلك ما وقع للمشركين يوم بدر فإن الله كبتهم بالقتل والأسر والقهر وجملة ﴿ وقد أنزلنا آيات بينات ﴾ في محل نصب على الحال من الواو في كبتوا : أي والحال أنا قد أنزلنا آيات واضحات فيمن حاد الله ورسله من الأمم المتقدمة وقيل المراد الفرائض التي أنزلها الله سبحانه وقيل هي المعجزات ﴿ وللكافرين عذاب مهين ﴾ أي للكافرين بكل ما يجب الإيمان به فتدخل الآيات المذكورة هنا دخولا أوليا والعذاب المهين : الذي يهين صاحبه ويذله ويذهب بعزه
٦ - ﴿ يوم يبعثهم الله جميعا ﴾ الظرف منتصب بإضمار اذكر أو بمهين أو بما تعلق به اللام من الاستقرار أو بأحصاه المذكور بعده وانتصاب جميعا على الحال : أي مجتمعين في حالة واحدة أو يبعثهم كلهم لا يبقى منهم أحد غير مبعوث ﴿ فينبئهم بما عملوا ﴾ أي يخبرهم بما عملوه في الدنيا من الأعمال القبيحة توبيخا لهم وتبكيتا ولتكميل الحجة عليهم وجملة ﴿ أحصاه الله ونسوه ﴾ مستأنفة جواب سؤال مقدر كأنه قيل كيف ينبئهم بذلك على كثرته واختلاف أنواعه فقيل أحصاه الله جميعا ولم يفته منه شيء والحال أنهم قد نسوه ولم يحفظوه بل وجدوه حاضرا مكتوبا في صحائفهم ﴿ والله على كل شيء شهيد ﴾ لا يخفى عليه شيء من الأشياء بل هو مطلع وناظر