١٥ - ﴿ كمثل الذين من قبلهم ﴾ أي مثلهم كمثل الذين من قبلهم والمعنى : أن مثل المنافقين واليهود كمثل الذين من قبلهم من كفار المشركين ﴿ قريبا ﴾ يعني في زمان قريب وانتصاب قريبا إلى الظرفية : أي يشبهونهم في زمن قريب وقيل العامل فيه ذاقوا : أي ذاقوا في زمن قريب ومعنى ﴿ ذاقوا وبال أمرهم ﴾ أي سوء عاقبة كفرهم في الدنيا بقتلهم يوم بدر وكاذن ذلك قبل غزوة بني النضير بستة أشهر قاله مجاهد وغيره وقيل المراد بنو النضير حيث أمكن الله منهم قاله قتادة وقيل قتل بني قريظة قاله الضحاك وقيل هو عام في كل من انتقم الله منه بسبب كفره والأول أولى ﴿ ولهم عذاب أليم ﴾ أي في الآخرة
ثم ضرب لليهود والمنافقين مثلا آخر فقال : ١٦ - ﴿ كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر ﴾ أي مثلهم في تخاذلهم وعدم تناصرهم فهو إما خبر مبتدأ محذوف أو خبر آخر للمبتدأ المقدر قبل قوله :﴿ كمثل الذين من قبلهم ﴾ على تقدير حذف حرف العطف كما تقول : أنت عاقل أنت عامل أنت كريم وقيل المثل الأول خاص باليهود والثاني خاص بالمنافقين وقيل المثل الثاني بيان للمثل الأول ثم بين سبحانه وجه الشبه فقال :﴿ إذ قال للإنسان اكفر ﴾ أي أغراه بالكفر وزينه له وحمله عليه والمراد بالإنسان هنا جنس من أطاع الشيطان من نوع الإنسان وقيل هو عابد كان في بني إسرائيل حمله الشيطان على الكفر فأطاعه ﴿ فلما كفر قال إني بريء منك ﴾ أي فلما كفر الإنسان مطاوعة للشيطان وقبولا لتزيينه قال الشيطان إني بريء منك وهذ يكون منه يوم القيامة وجملة ﴿ إني أخاف الله رب العالمين ﴾ تعليل لبراءته من الإنسان بعد كفره وقيل المراد بالإنسان هنا أو جهل والأول أولى قال مجاهد : المراد بالإنسان هنا جميع الناس في غرور الشيطان إياهم قيل وليس قول الشيطان ﴿ إني أخاف الله ﴾ على حقيقته إنما هو على وجه التبري من الإنسان فهو تأكيد لقوله :﴿ إني بريء منك ﴾ قرأ الجمهو ﴿ إني ﴾ بإسكان الياء وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بفتحها