٢ - ﴿ هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم ﴾ المراد بالأميين العرب من كان يحسن الكتابة منهم ومن لا يحسنها لأنهم لم يكونوا أهل كتاب والأمي في الأصل الذي لا يكتب ولا يقرأ المكتوب وكان غالب العرب كذلك وقد مضي بيان معنى الأمي في سورة البقرة ومعنى منهم من أنفسهم ومن جنسهم ومن جملتهم وما كان حي من أحياء العرب إلا ولرسول الله صلى الله عليه و سلم فيهم قرابة ووجه الامتنان بكونه منهم أن ذلك أقرب إلى الموافقة لأن الجنس أميل إلى جنسه وأقرب إليه ﴿ يتلو عليهم آياته ﴾ يعني القرآن مع كونه أميا لا يقرأ ولا يكتب ولا تعلم ذلك من أحد والجملة صفة لرسولا وكذا قوله :﴿ ويزكيهم ﴾ قال ابن جريح ومقاتل : أي يطهرهم من دنس الكفر والذنوب وقال السدي : يأخذ زكاة أموالهم وقيل يجعلهم أزكياء القلوب بالإيمان ﴿ ويعلمهم الكتاب والحكمة ﴾ هذه صفة ثالثة لرسولا والمراد بالكتاب القرآن وبالحكمة السنة كذا قال الحسن وقيل الكتاب الخط بالقلم والحكمة الفقه في الدين كذا قال مالك بن أنس ﴿ وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ﴾ أي وإن كانوا من قبل بعثته فيهم في شرك وذهاب عن الحق
٣ - ﴿ وآخرين منهم ﴾ معطوف على الأميين : أي بعث في الأميين وبعث في آخرين منهم ﴿ لما يلحقوا بهم ﴾ ذلك الوقت وسيلحقون بهم من بعد أو هو معطوف على المفعول الأول في يعلمهم أي ويعلم آخرين أو على مفعول يزكيهم : أي يزكيهم ويزكي آخرين منهم والمراد بالآخرين من جاء بعد الصحابة إلى يوم القيامة وقيل المراد بهم من أسلم من غير العرب وقال عكرمة : هم التابعون وقال مجاهد : هم الناس كلهم وكذا قال ابن زيد والسدي : وجملة ﴿ لما يلحقوا بهم ﴾ صفة لآخرين والضمير في منهم ولهم راجع إلى الأميين وهذا يؤيد أن المراد بالآخرين هم من يأتي بعد الصحابة من العرب خاصة يوم القيامة وهو صلى الله عليه و سلم وإن كان مرسلا إلى جميع الثقلين فتخصيص العرب هاهنا لقصد الامتنان عليهم وذلك لا ينافي عموم الرسالة ويجوز أن يراد بالآخرين العجم لأنهم وإن لم يكونوا من العرب فقد صاروا بالإسلام منهم والمسلمون كلهم أمة واحدة وإن اختلفت أجناسهم ﴿ وهو العزيز الحكيم ﴾ أي بليغ العزة والحكمة