٨ - ﴿ فآمنوا بالله ورسوله ﴾ الفاء هي الفصيحة الدالة على شرط مقدر : أي إذا كان الأمر هكذا فصدقوا بالله ورسوله محمد صلى الله عليه و سلم ﴿ والنور الذي أنزلنا ﴾ وهو القرآن لأنه نور يهتدي به من [ ظلمة ] الضلال ﴿ والله بما تعملون خبير ﴾ لا يخفى عليه شيء من أقوالكم وأفعالكم فهو مجازيكم على ذلك
٩ - ﴿ يوم يجمعكم ليوم الجمع ﴾ العامل في الظرف لتنبؤن قاله النحاس وقال غيره : العامل فيه خبير وقيل العامل فيه محذوف هو اذكر وقال أبو البقاء : العامل فيه ما دل عليه الكلام : أي تتفاوتون يوم يجمعكم قرأ الجمهور ﴿ يجمعكم ﴾ بفتح الياء وضم العين وروي عن أبي عمرو إسكانها ولا وجه لذلك إلا التخفيف وإن لم يكن هذا موضعا له كما قرئ في ﴿ وما يشعركم ﴾ بسكون الراء وكقول الشاعر :
( فاليوم أشرب غير مستحقب | إثما من الله ولا واغل ) |
بإسكان باء أشرب وقرأ زيد بن علي والشعبي ويعقوب ونصر وابن أبي إسحاق والجحدري نجمعكم بالنون ومعنى
﴿ ليوم الجمع ﴾ ليوم القيامة فإنه يجمع فيه أهل المحشر للجزاء ويجمع فيه بين كل عامل وعمله وبين كل نبي وأمته وبين كل مظلوم وظالمه
﴿ ذلك يوم التغابن ﴾ يعني أن يوم القيامة هو يوم التغابن وذلك أنه يغبن فيه بعض أهل المحشر بعضا فيغبن فيه أهل الحق أهل الباطل ويغبن فيه أهل الإيمان أهل الكفر وأهل الطاعة أهل المعصية ولا غبن أعظم من غبن أهل الجنة أهل النار عند دخول هؤلاء الجنة وهؤلاء النار فنزلوا منازلهم التي كانوا سينزلونها لو لم يفعلوا ما يوجب النار فكأن أهل النار استبدلوا الخير بالشر والجيد بالرديء والنعيم بالعذاب وأهل الجنة على العكس من ذلك يقال غبنت فلانا : إذا بايعته أو شاريته فكان النقص عليه والغلبة كذا قال المفسرون فالمغبون من غبن أهله ومنازله في الجنة
﴿ ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفر عنه سيئاته ﴾ أي من وقع منه التصديق مع العمل الصالح استحق تكفير سيئاته قرأ الجمهور
﴿ يكفر ﴾ ﴿ ويدخله ﴾ بالتحتية وقرأ نافع وابن عامر بالنون فيهما وانتصاب
﴿ خالدين فيها أبدا ﴾ على أنها حال مقدرة والإشارة بقوله :
﴿ ذلك ﴾ إلى ما ذكر من التكفير والإدخال وهو مبتدأ وخبره
﴿ الفوز العظيم ﴾ أي الظفر الذي لا يساويه ظفر