١٣ - ﴿ فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة ﴾ هذا شروع في بيان الحاقة وكيف وقوعها بعد بيان شأنا بإهلاك المكذبين قال عطاء : يريد النفخة الأولى وقال الكلبي ومقاتل يريد النفخة الأخيرة قرأ الجمهور ﴿ نفخة واحدة ﴾ بالرفع فيهما على أن نفخة مرتفعة على النيابة وواحدة تأكيد لها وحسن تذكير الفعل لوقوع الفصل وقرأ أبو السماك بنصبهما على أن النائب هو الجار والمجرور قال الزجاج : قوله :﴿ في الصور ﴾ يقوم مقام ما لم يسم فاعله
١٤ - ﴿ وحملت الأرض والجبال ﴾ أي رفعت من أماكنها وقلعت عن مقارها بالقدرة الإلهية قرأ الجمهور ﴿ حملت ﴾ بتخفيف الميم وقرأ الأعمش وابن أبي عبلة وابن مقسم وابن عامر في رواية عنه بتشديدها للتكثير أو للتعدية ﴿ فدكتا دكة واحدة ﴾ أي فكسرتا كسرة واحدة لا زيادة عليها أو ضربتا ضربة واحدة بعضهما ببعض حتى صارتا كثيبا مهيلا وهباء منبثا قال الفراء : ولم يقل فدككن لأنه جعل الجبال كلها كالجملة الواحدة ومثله قوله تعالى :﴿ أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما ﴾ وقيل دكتا بسطتا بسطة واحدة ومنه اندك سنام البعير : إذا انفرش على ظهره
١٥ - ﴿ فيومئذ وقعت الواقعة ﴾ أي قامت القيامة
١٦ - ﴿ وانشقت السماء فهي يومئذ واهية ﴾ أي انشقت بنزول ما فيها من الملائكة فهي في ذلك اليوم ضعيفة مسترخية قال الزجاج : يقال لكل ما ضعف جدا قد وهي فهو واه وقال الفراء وهيها تشققها
١٧ - ﴿ والملك على أرجائها ﴾ أي جنس الملك على أطرافها وجوانبها وهي جمع رجى مقصور وتثنيته رجوان مثل قفا وقفوان والمعنى : أنها لما تشققت السماء وهي مساكنهم لجأوا إلى أطرافها قال الضحاك : إذا كان يوم القيامة أمر الله السماء الدنيا فتشققت وتكون الملائكة على حافاتها حتى يأمرهم الرب فينزلون إلى الأرض ويحيطون بالأرض ومن عليها وقال سعيد بن جبير : المعنى والملك على حافات الدنيا : أي ينزلون إلى الأرض وقيل إذا صارت السماء قطعا يقف الملائكة على تلك القطع التي ليست متشققة في أنفسها ﴿ ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ﴾ أي يحمله فوق رؤسهم يوم القيامة ثمانية أملاك وقيل ثمانية صفوف من الملائكة لا يعلم عددهم إلا الله عز و جل وقيل ثمانية أجزاء من تسعة أجزاء من الملائكة قاله الكلبي وغيره
١٨ - ﴿ يومئذ تعرضون ﴾ أي تعرض العباد على الله لحسابهم ومثله ﴿ وعرضوا على ربك صفا ﴾ وليس ذلك العرض عليه سبحانه ليعلم به ما لم يكن عالما به وإنما هو عرض الاختبار والتوبيخ بالأعمال وجملة ﴿ لا تخفى منكم خافية ﴾ في محل نصب على الحال من ضمير تعرضون : أي تعرضون حال كونه لا يخفى على الله سبحانه من ذواتكم أو أقوالكم وأفعالكم خافية كائنة ما كانت والتقدير : أي نفس خافية أو فعلة خافية
وقد أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال :﴿ الحاقة ﴾ من أسماء القيامة وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عنه قال : ما أرسل الله شيئا من رسح إلا بمكيال ولا قطرة من ماء إلا بمكيال إلا يوم نوح ويم عاد فأما يوم نوح فإن الماء طغى على خزانه فلم يكن لهم عليه سبيل ثم قرأ ﴿ إنا لما طغى الماء ﴾ وأما يوم عاد فإن الريح عتت على خزانها فلم يكن لهم عليها سبيل ثم قرأ ﴿ بريح صرصر عاتية ﴾ وأخرج ابن جرير عن علي بن أبي طالب نحوه وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :[ نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور ] وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر مرفوعا :[ قال ما أمر الخزان على عاد إلا مثل موضع الخاتم من الريح فعتت على الخزان فخرجت من نواحي الأبواب فذلك قوله :﴿ بريح صرصر عاتية ﴾ قال : عتوها عتت على الخزان ] وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ بريح صرصر عاتية ﴾ قال : الغالبة وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطيبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود في قوله :﴿ حسوما ﴾ قال : متتابعات وأخرج عبد بن حميد وابن جرير من طرق عن ابن عباس في قوله :﴿ حسوما ﴾ قال : تباعا وفي لفظ : متتابعات وأخرج ابن المنذر عنه ﴿ كأنهم أعجاز نخل ﴾ قال : هي أصولها وفي قوله :﴿ خاوية ﴾ قال : خربة وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عنه أيضا في قوله :﴿ إنا لما طغى الماء ﴾ قال : طغى على خزانه فنزل ولم ينزل من السماء ماء إلا بمكيال أو ميزان إلا زمن نوح فإنه طغى على خزانة فنزل بغير كيل ولا وزن وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية من طريق مكحول عن علي بن أبي طالب [ في قوله :﴿ وتعيها أذن واعية ﴾ قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم : سألت الله أن يجعلها أذنك يا علي فقال علي : ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه و سلم من شيئا فنسيته ] قال ابن كثير : وهو حديث مرسل وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والواحدي وابن مردويه وابن عساكر وابن النجار عن بريدة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لعلي :[ إن الله أمرني أن أدنيك ولا أقضيك وأن أعلمك وأن تعي وحق لك أن تعي فنزلت هذه الآية ﴿ وتعيها أذن واعية ﴾ فأنت أذن واعية لعلي ] قال ابن كثير : ولا يصح وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عمر في قوله :﴿ أذن واعية ﴾ قال : أذن عقلت عن الله وأخرج الحاكم والبيهقي في البعث عن أبي بن كعب في قوله :﴿ وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة ﴾ قال : تصيران غبرة على وجوه الكفار لا على وجوه المؤمنين وذلك قوله :﴿ وجوه يومئذ عليها غبرة * ترهقها قترة ﴾ وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس ﴿ فهي يومئذ واهية ﴾ قال مخترقة وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله :﴿ والملك على أرجائها ﴾ قال : على حافاتها على ما لم [ يهي ] منها وأخرج عبد بن حميد وعثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية وأبو يعلى وابن المنذر وابن خزيمة والحاكم وصححه وابن مردويه والخطيب في [ تالي التلخيص ] عنه أيضا في قوله :﴿ ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ﴾ قال : ثمانية أملاك على صورة الأوعال وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضا من طرق في الآية قال : يقال ثمانية صفوف من الملائكة لا يعلم عددهم إلا الله ويقال ثمانية أملاك رؤوسهم عند العرش في السماء السابعة وأقدامهم في الأرض السفلى ولهم قرون كقرون الوعلة ما بين أصل قرن أحدهم إلى منتهاه خمسمائة عام وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن ماجه وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :[ يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات فأما عرضتان فجدال ومعاذير وأما الثالثة فعند ذلك تطاير الصحف في الأيدي فآخذ بيمينه وآخذ بشماله ] وأخرج ابن جرير والبيهقي في البعث عن ابن مسعود نحوه


الصفحة التالية
Icon