وجملة ٣٣ - ﴿ إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ﴾ تعليل لما قبلها
٣٤ - ﴿ ولا يحض على طعام المسكين ﴾ أي لا يحث على إطعام المسكين من ماله أو لا يحث الغير على إطعامه ووضع الطعام موضع الإطعام كما يوضع العطاء موضع الإعطاء كما قال الشاعر :

( أكفرا بعد رد موتي عني وبعد عطائك المال الرعابا )
أي بعد إعطائك ويجوز أن يكون الطعام على معناه غير موضوع موضع المصدر والمعنى : أنه لا يحث نفسه أو غيره على بذل نفس طعام المسكين وفي جعل هذا قرينا لترك الإيمان بالله من الترغيب في التصدق على المساكين وسد فاقتهم وحث النفس والناس على ذلك ما يدل أبلغ دلالة ويفيد أكمل فائدة على أن منعهم من أعظم الجرائم وأشد المآثم
٣٥ - ﴿ فليس له اليوم هاهنا حميم ﴾ أي ليس له يوم القيامة في الآخرة قريب ينفعه أو يشفع له لأنه يوم يفر فيه القريب من قريبه ويهرب عنده الحبيب من حبيبه
٣٦ - ﴿ ولا طعام إلا من غسلين ﴾ أي وليس له طعام يأكله إلا من صديد أهل النار وما ينغسل من أبدانهم من [ القيح ] والصديد وغسلين فعلين من الغسل وقال الضحاك والربيع بن أنس : هو شجر يأكله أهل النار وقال قتادة : هو شر الطعام وقال ابن زيد : لا يعلم ما هو ولا ما الزقوم إلا الله تعالى وقال سبحانه في موضع آخر :﴿ ليس لهم طعام إلا من ضريع ﴾ فيجوز أن يكون الضريع هو الغسلين وقيل في الكلام تقديم وتأخير والمعنى فليس له اليوم هاهنا حميم إلا من غسلين على أن الحميم هو الماء الحار ﴿ ولا طعام ﴾ أي ليس لهم طعام يأكلونه ولا ملجىء لهذا التقديم والتأخير
وجملة ٣٧ - ﴿ لا يأكله إلا الخاطئون ﴾ صفة لغسلين والمراد أصحاب الخطايا وأرباب الذنوب قال الكلبي : المراد الشرك قرأ الجمهور ﴿ الخاطئون ﴾ مهموزا وهو اسم فاعل من خطئ إذا فعل غير الصواب متعمدا والمخطئ من يفعله غير متعمد وقرأ الزهري وطلحة بن مصرف والحسن الخاطيون بباء مضمومة بدل الهمزة وقرأ نافع في رواية عنه بضم الطاء بدون همزة
٣٨ - ﴿ فلا أقسم بما تبصرون ﴾
٣٩ - ﴿ فلا أقسم بما تبصرون * وما لا تبصرون ﴾ هذا رد لكلام المشركين كأنه قال : ليس الأمر كما تقولون ولا زائدة والتقدير فأقسم بما تشاهدونه وما لا تشاهدونه قال قتادة : أقسم بالأشياء كلها ما يبصر منها وما لا يبصر فيدخل في هذا جميع المخلوقات وقيل إن لا ليست زائدة بل هي لنفي القسم : أي لا أحتاج إلى قسم لوضوح الحق في ذلك والأول أولى


الصفحة التالية
Icon