٧ - ﴿ ونراه قريبا ﴾ أي نعلمه كائنا قريبا لأن ما هو آت قريب وقيل المعنى : ونراه هينا في قدرتنا غير متعسر ولا متعذر والجملة تعليل للأمر بالصبر
ثم أخبر سبحانه متى يقع بهم العذاب فقال : ٨ - ﴿ يوم تكون السماء كالمهل ﴾ والظرف متعلق بمضمر دل عليه واقع أو بدل من قوله :﴿ في يوم ﴾ على تقدير تعلقه بواقع أو متعلق بقريبا أو مقدر بعده : أي يوم تكون الخ كان كيت وكيت أو بدل منالضمير في نراه والأول أولى والتقدير يقع بهم العذاب ﴿ يوم تكون السماء كالمهل ﴾ والمهل : ما أذيب من النحاس والرصاص والفضة وقال مجاهد : هو القيح من الصديد والدم وقال عكرمة وغيره : هو دردي الزيت وقد تقدم تفسيره في سورة الكهف والدخان
٩ - ﴿ وتكون الجبال كالعهن ﴾ أي كالصوف المصبوغ ولا يقال للصوف عهن إلا إذا كان مصبوغا قال الحسن : تكون الجبال كالعهن وهو الصوف الأحمر وهو أضعف الصوف وقيل العهن الصوف ذو الألوان فشبه الجبال به في تكونها ألوانا كما في قوله :﴿ جدد بيض وحمر ﴾ ﴿ وغرابيب سود ﴾ فإذا بست وطيرت في الهواء أشبهت العهن المنقوش إذا طيرته الريح
١٠ - ﴿ ولا يسأل حميم حميما ﴾ أي لا يسأل قريب قريبه عن شأنه في ذلك اليوم لما نزل بهم من شدة الأهوال التي أذهلت القريب عن قريبه والخليل عن خليله كما قال سبحانه :﴿ لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ﴾ وقيل المعنى : لا يسأل حميم عن حميم فحذف الحرف ووصل الفعل قرأ الجمهور ﴿ لا يسأل ﴾ مبنيا للفاعل قيل والمفعول الثاني محذوف والتقدير : لا يسأله نصره ولا شفاعته وقرأ أبو جعفر وأبو حيوة وشيبة وابن كثير في رواية عنه على البناء للمفعول وروى هذه القراءة البزي عن عاصم والمعنى : لا يسأل حميم إحضار حميمه وقيل هذه القراءةعلى إسقاط حرف الجر : أي لا يسأل حميم عن حميم بل كل إنسان يسأل عن نفسه وعن عمله
وجملة ١١ - ﴿ يبصرونهم ﴾ مستأنفة أو صفة لقوله :﴿ حميما ﴾ أي يبصر كل حميم حميمه لا يخفى منهم أحد عن أحد وليس في القيامة مخلوق وإلا وهو نصب عين صاحبه ولا يتساءلون ولا يكلم بعضهم بعضا لاشتغال كل أحد منهم بنفسه وقال ابن زيد : يبصر الله الكفار في النار الذين أضلوهم في الدنيا وهم الرؤساء المتبوعون وقيل إن قوله :﴿ يبصرونهم ﴾ يرجع إلى الملائكة : أي يعرفون أحوال الناس لا يخفون عليهم وإنما جمع الضمير في يبصرونهم وهما للحميمين حملا على معنى العموم لأنهما نكرتان في سياق النفي قرأ الجمهور ﴿ يبصرونهم ﴾ بالتشديد وقرأ قتادة بالتخفيف ثم ابتدأ سبحانه الكلام فقال :﴿ يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ﴾ المراد بالمجرم الكافر أو كل مذنب ذنبا يستحق به النار لو يفتدي من عذاب يوم القيامة الذي نزل به


الصفحة التالية
Icon