٥ - ﴿ قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا ﴾ أي قال نوح مناديا لربه وحاكيا له ما جرى بينه وبين قومه وهو أعلم به منه إني دعوت قومي إلى ما أمرتني بأن أدعوهم إليه من الإيمان دعاء دائما في الليل والنهار من غير تقصير
٦ - ﴿ فلم يزدهم دعائي إلا فرارا ﴾ عما دعوتهم إليه وبعدا عنه قال مقاتل : يعني تباعدا من الإيمان وإسناد الزيادة إلى الدعاء لكونه سببها كما في قوله :﴿ زادتهم إيمانا ﴾ قرأ الجمهور ﴿ دعائي ﴾ بفتح الياء وقرأ الكوفيون ويعقوب والدوري عن أبي عمرو بإسكانها والاستثناء مفرغ
٧ - ﴿ وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم ﴾ أي كلما دعوتهم إلى سبب المغفرة وهو الإيمان بك والطاعة لك ﴿ جعلوا أصابعهم في آذانهم ﴾ لئلا يسمعوا صوتي ﴿ واستغشوا ثيابهم ﴾ أي غطوا بها وجوههم لئلا يروني وقيل جعلوا ثيابهم على رؤوسهم لئلا يسمعوا كلامي فيكون استغشاء الثياب على هذا زيادة في سد الآذان وقيل هو كناية عن العداوة يقال لبس فلان ثياب العداوة وقيل استغشوا ثيابهم لئلا يعرفهم فيدعوهم ﴿ وأصروا ﴾ أي استرموا على الكفر ولم يقلعوا عنه ولا تابوا عنه ﴿ واستكبروا ﴾ عن قبول الحق وعن امتثال ما أمرهم به ﴿ استكبارا ﴾ شديدا
٨ - ﴿ ثم إني دعوتهم جهارا ﴾ أي مظهرا لهم الدعوة مجاهرا لهم بها
٩ - ﴿ ثم إني أعلنت لهم ﴾ أي دعوتهم معلنا لهم بالدعاء ﴿ وأسررت لهم إسرارا ﴾ أي وأسررت لهم الدعوة إسرارا كثيرا قيل المعنى : أن يدعو الرجل بعد الرجل يكلمه سرا فيما بينه وبينه والمقصود أنه دعاهم على وجوه متخالفة وأساليب متفاوتة فلم ينجع ذلك فيهم قال مجاهد : معنى أعلنت صحت وقيل معنى أسررت : أتيتهم في منازلهم فدعوتهم فيها وانتصاب جهارا على المصدرية لأن الدعاء يكون جهارا ويكون غير جهار فالجهار نوح من الدعاء كقولهم : قعد القرفصاء ويجوز أن يكون نعت مصدر محذوف : أي دعاء جهارا وأن يكون مصدرا في موضع الحال : أي مجاهرا ومعنى ثم الدلالة على تباعد الأحوال لأن الجهار أغلظ من الإسرار والجمع بين الأمرين أغلط من أحدهما قرأ الجمهور ﴿ إني ﴾ بسكون الياء وقرأ أبو عمرو والحرميون بفتحها