وجملة ١٤ - ﴿ وقد خلقكم أطوارا ﴾ في محل نصب على الحال : أي والحال أنه سبحانه قد خلقكم على أطوار مختلفة : نطفة ثم مضغة ثم علقة إلى تمام الخلق كما تقدم بيانه في سورة المؤمنين والطور في اللغة المرة وقال ابن الأنباري : الطور الحال وجمعه أطوار وقيل أطوارا صبيانا ثم شبانا ثم شيوخا وقيل الأطوال اختلافهم في الأفعال والأوقال والأخلاق والمعنى : كيف تقصرون في توقير من خلقكم على هذه الأطوار البديعة
١٥ - ﴿ ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا ﴾ الخطاب لمن يصلح له والمراد الاستدلال بخلق السموات على كمال قدرته وبديع صنعه وأنه الحقيق بالعبادة : والطباق المتطابقة بعضها فوق بعض كل سماء مطبقة على الأخرى كالقباب قال الحسن : خلق الله سبع سموات على سبع أرضين بين كل سماء وسماء وأرض وأرض خلق وأمر وقد تقدم تحقيق هذا في قوله :﴿ ومن الأرض مثلهن ﴾ وانتصاب طباقا على المصدرية تقول طباقه مطابقة وطباقا أو حال بمعنى ذات طباق فحذفت ذات وأقام طباقا مقامه وأجاز الفراء في غير القرآن جر طباقا على النعت
١٦ - ﴿ وجعل القمر فيهن نورا ﴾ أي منورا لوجه الأرض وجعل القمر في السموات مع كونها في سماء الدنيا لأنها إذا كانت في إحداهن فهي فيهن كذا قال ابن كيسان قال الأخفش : كما تقول أتاني بنو تميم والمراد بعضهم وقال قطرب فيهن بمعنى معهن : أي خلق القمر والشمس مع خلق السموات والأرض كما في قول امرئ القيس :
( وهل ينعمن من كان آخر عهده | ثلاثين شهرا في ثلاثة أحوال ) |
١٧ - ﴿ والله أنبتكم من الأرض نباتا ﴾ يعني آدم خلقه الله من أديم الأرض والمعنى : أنشأكم منها إنشاء فاستعير الإنبات للإنشاء لكونه أدل على الحدوث والتكوين ونباتا إما مصدر لأنبت على حذف الزوائد أو مصدر لفعل محذوف : أي أنبتكم من الأرض فنبتم نباتا وقال الخليل والزجاج : هو مصدر لفعل محذوف : أي أنبتكم من الأرض فنبتم نباتا وقال الخليل والزجاج : هو مصدر محمول على المعنى لأن معنى أنبتكم : جعلكم تنبتون نباتا وقيل المعنى : والله أنبت لكم من الأرض النبات فنباتا على هذا مفعول به قال ابن بحر : أنبتهم في الأرض بالكبر بعد الصغر وبالطول بعد القصر
١٨ - ﴿ ثم يعيدكم فيها ﴾ أي في الأرض ﴿ ويخرجكم إخراجا ﴾ يعني يخرجكم منها بالبعث يوم القيامة