٥ - ﴿ وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا ﴾ أي إنا حسبنا أن الإنس والجن كانوا لا يكذبون على الله بأن له شريكا وصاحبة لا وولدا فلذلك صدقناهم في ذلك حتى سمعنا القرآن فعلمنا بطلان قولهم وبطلان ما كنا نظنه بهم من الصدق وانتصاب كذبا على أنه مصدر مؤكد ليقول لأن الكذب نوع من القول أو صفة لمصدر محذوف : أي قولا كذبا وقرأ يعقوب والجحدري وابن أبي إسحاق أن لن تقول من التقول فيكون على هذه القراءة كذبا مفعول به
٦ - ﴿ وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن ﴾ قال الحسن وابن زيد وغيرهما : كان العرب إذا نزل الرجل بواد قال : أعوذ بسيد هذا الوادي من شرها سفهاء قومه فيبيت في جواره حتى يصبح فنزلت هذه الآية قال مقاتل : كان أول من تعوذ بالجن قوم من أهل اليمن ثم من بني حنيفة ثم فشا ذلك في العرب فلما جاء الإسلام عاذوا بالله وتركوهم ﴿ فزادوهم رهقا ﴾ أي زاد رجال الجن من تعوذ بهم من رجال الإنس رهقا : أي سفها وطغيانا أ تكبرا وعتوا أو زاد المستعيذون من رجال الإنس من استعاذوا بهم من رجال الجن رهقا لأن المستعاذ بهم كانوا يقولون سدنا الجن والإنس وبالأول قال مجاهد وقتادة وبالثاني قال أبو العالية وقتادة والربيع بن أنس وابن زيد والرهق في كلام العرب : الإثم وغشيان المحارم ورجل رهق : إذا كان كذلك ومنه قوله ﴿ ترهقهم ذلة ﴾ أي تغشاهم ومنه قول الأعشى :

( لا شيء ينفعني من دون رؤيتها هل يشتفي عاشق ما لم يصيب رهقا )
يعني إثما وقيل الرهق : الخوف : أي أن الجن زادت الإنس بهذا التعوذ بهم خوفا منهم وقيل كان الرجل من الإنس يقول : أعوذ بفلان من سادات العرب من جن هذا الوادي ويؤيد هذا ما قيل من أن لفظ رجال لا يطلق على الجن فيكون قوله برجال وصفا لمن يستعيذون به من رجال الإنس : أي يعوذون بهم من شر الجن فيكون قوله برجال وصفا لمن يستعيذون به من رجال الإنس : أي يعوذون به من شر الجن وهذا فيه بعد وإطلاق لفظ رجال على الجن على تسليم عدم صحته لغة لا مانع من إطلاقه عليهم هنا من باب المشاكلة


الصفحة التالية
Icon