٧ - ﴿ وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا ﴾ هذا من قول الجن للإنس : أي وإن الجن ظنوا كما ظننتم أيها الإنس أنه لا بعث وقيل المعنى : وإن الإنس ظنوا كما ظننتم أيها الجن والمعنى : أنهم لا يؤمنون بالبعث كما أنكم لا تؤمنون
٨ - ﴿ وأنا لمسنا السماء ﴾ هذا من قول الجن أيضا : أي طلبنا خبرا كما به جرت عادتنا ﴿ فوجدناها ملئت حرسا ﴾ من الملائكة يحرسونها عن استراق السمع والحرس جمع حارس و ﴿ شديدا ﴾ صفة لحرسا : أي قويا ﴿ وشهبا ﴾ جمع شهاب وهو الشعلة المقتبسة من نار الكوكب كما تقدم بيانه في تفسير قوله :﴿ وجعلناها رجوما للشياطين ﴾ ومحل قوله :﴿ ملئت حرسا شديدا ﴾ النصب على أنه ثاني مفعولي وجدنا لأنه يتعدى إلى مفعولين ويجوز أن يكون متعديا إلى مفعول واحد فيكون محل الجملة النصب على الحال بتقدير قد وحرسا منصوب على التمييز ووصفه بالمفرد اعتبارا باللفظ كما يقال السلف الصالح : أي الصالحين
٩ - ﴿ وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع ﴾ أي وأنا مقاعد كائنة للسمع والمقاعد جمع مقعد اسم مكان وذلك أن مردة الجن كانوا يفعلون ذلك ليسمعوا من الملائكة أخبار السماء فيلقونها إلى الكهنة فحرسها الله سبحانه ببعثه رسوله صلى الله عليه و سلم بالشهب المحرقة وهو معنى قوله :﴿ فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا ﴾ أي أرصد له ليرمي به أو لأجله لمنعه من السماع وقوله : الآن هو ظرف للحال واستعير للاستقبال وانتصاب رصدا على أنه صفة لشهابا أو مفعول له وهو مفرد ويجوز أن يكون اسم جمع كالحرس
وقد اختلفوا هل كانت الشياطين ترمي بالشهاب قبل المبعث أم لا ؟ فقال قوم : لم يكن ذلك وحكى الواحدي عن معمر قال : قلت للزهري : أكان يرمى بالنجوم في الجاهلية ؟ قال نعم قلت : أفرأيت قوله :﴿ وأنا كنا نقعد منها ﴾ الآية قال : غلظت وشدد أمرها حين بعث محمد صلى الله عليه و سلم قال ابن قتيبة : إن الرجم قد كان قبل مبعثه ولكنه لم يكن مثله في شدة الحراسة بعد مبعثه وكانوا يسترقون في بعض الأحوال فلما بعث منعوا من ذلك أصلا وقال عبد الملك بن سابور : لم تكن السماء تحرس في الفترة بين عيسى ومحمد فلما بعث محمد صلى الله عليه و سلم حرست السماء ورميت الشياطين بالشهب ومنعت من الدنو إلى السماء وقال نافع بن جبير : كانت الشياطين في الفترة تسمع فلا ترمى فلما بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم رميت بالشهب وقد تقدم البحث عن هذا