٢ - ﴿ قم فأنذر ﴾ أي انهض فخوف أهل مكة وحذهرم العذاب إن لم يسلموا أو قم من مضجعك أو قم قيام عزم وتصميم وقيل الإنذار هنا هو إعلامهم بنبوته وقيل إعلامهم بالتوحيد وقال الفراء : المعنى قم فصل وأمر بالصلاة
٣ - ﴿ وربك فكبر ﴾ أي واختص سيدك ومالكك ومصلح أمورك بالتكبير وهو وصفه سبحانه بالكبرياء والعظمة وأنه أكبر من أن يكون له شريك كما يعتقده الكفار وأعظم من أن يكون له صاحبة أو ولد قال ابن العربي : المراد به تكبير التقديس والتنزيه بخلع الأضداد والأندام والأصنام ولا يتخذ وليا غيره ولا يعبد سواه ولا يرى لغيره فعلا إلا له ولا نعمة إلا منه قال الزجاج : إن الفاء في فكبر دخلت على معنى الجزاء كما دخلت في فأنذر وقال ابن جني : هو كقولك زيدا فاضرب : أي زيدا اضرب فالفاء زائدة
٤ - ﴿ وثيابك فطهر ﴾ المراد بها الثياب الملبوسة على ما هو المعنى اللغوي أمره الله سبحانه بتطهير ثيابه وحفظها عن النجاسات وإزالة ما وقع فيها منها وقيل المراد بالثياب العمل وقيل القلب وقيل النفس وقيل الجسم وقيل الأهل وقيل الدين وقيل الأخلاق قال مجاهد وابن زيد وأبو رزين : أي عملك فأصلح وقال قتادة : نفسك فطهر من الذنب والثياب عبارة عن النفس وقال سعيد بن جبير : قلبك فطهر ومن هذا قول امرئ القيس :
( فسلي ثيابي من ثيابك تنسل )
وقال عكرمة : المعنى ألبسها على غير غدر وغير فجرة وقال : أما سمعت قول الشاعر :

( وإني بحمد الله لا ثوب فاجر لبست ولا من غدرة أتقنع )
والشاعر هو غيلان بن سلمة الثقفي ومن إطلاق الثياب على النفس قول عنترة :
( فشككت بالرمح الطويل ثيابه ليس الكريم على القنا بمحرم )
وقول الآخر :
( ثياب بني عوف طهارى نقية )
وقال الحسن والقرظي : إن المعنى وأخلاقك فطهر لأن خلق الإنسان مشتمل على أحواله اشتمال ثيابه على نفسه ومنه قول الشاعر :
( ويحيى لا يلام بسوء خلق ويحيى طاهر الأثواب حر )
وقال الزجاج : المعنى وثيابك فقصر لأن تقصير الثوب ابعد من النجاسات إذا انجر على الأرض وبه قال طاوس والأول أولى لأنه المعنى الحقيقي وليس في استعمال الثياب مجاز عن غيرها لعلاقة مع قرينه ما يدل على أنه المراد عند الإطلاق وليس في مثل هذا الأصل : أعني الحمل على الحقيقة عند الإطلاق خلاف وفي الآية دليل على وجوب طهارة الثياب في الصلاة


الصفحة التالية
Icon